ينبغي ان يجاهد في الرّياضات والذّكر والفكر المأخوذة من صاحب الاجازة في الشّريعة أو الطّريقة بحيث يصفو مرآة قلبه من غبار الكثرات ويتجلّى فيها صورة شيخة ولا يغيب عنه ويسمّون هذا الاتّصال والتّجلّى بالمرابطة والحضور والفكر كما يسمّون ذلك المتجلّى بالسّكينة ويقولون : انّ السّالك ما لم يتّصل بملكوت شيخة كان سالكا الى الطّريق لا الى الله ، فاذا اتّصل بملكوت شيخة وصل الى الطّريق وصار سالكا الى الله على الطّريق ، وقبل هذا الاتّصال يكون العبادة منه كلفة وعناء وكرها وبعد الوصول تصير لذّة وراحة وطوعا ؛ وقول المولوىّ قدسسره:
جهد كن تا نور تو رخشان شود |
|
تا سلوك وخدمتت آسان شود |
اشارة الى هذا الظّهور والتّجلّى ، وبهذا الاتّصال تصدق المعيّة مع الصّادقين الّتى امر الله بها في قوله تعالى: (كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وهذا الظّاهر هو الوسيلة الّتى امر الله بابتغائها بقوله : (ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) وبهذا يتبدّل (الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) ، (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) و (تُحَدِّثُ أَخْبارَها) وتبلى سرائرها وهذا الظّاهر هو النّور السّاعى بين أيديهم وبأيمانهم ، روى عن سيّد السّاجدين (ع) انّ الآية نزلت في العبّاس وفينا ولم يكن الرّباط الّذى أمرنا به وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط (وَاتَّقُوا اللهَ) اى سخطه وعذابه في ترك ما أمرتم به من الصّبر والمصابرة والمرابطة ، واتّقوا الله بعد المرابطة في الغفلة أو الاعراض عن المتجلّى لانّه من يكفر بعد فيعذّبه الله عذابا لا يعذّبه أحدا من العالمين (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) قد مضى انّ الترجّى من الله واجب وانّه يجرى في وعده على عادة الكبار من النّاس.