سورة البقرة
مدنيّة كلها الّا آية واحدة منها وهي قوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ
فِيهِ إِلَى اللهِ) فانّها نزلت في حجّة الوداع بمنى كذا في المجمع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تحقيق مراتب الوجود وانّه حقيقة واحدة مشكّكه
(الم) ، اعلم انّ الوجود حقيقة واحدة متأصّلة في التحقّق ظاهرة في مراتب كثيرة متفاوتة بالشّدة والضّعف والتقدّم والتأخّر متكثّرة بحسب تكثّر التّعيّنات الّتى نشأت من تنزّلاتها والتعيّنات تابعة لها في التحقّق مجعولة بمجعوليّتها معلولة بمعلوليّتها لا حكم لها في أنفسها لانّها من حيث هي ليست الّا هي لا معدومة ولا موجودة ولا موصوفة بشيء من توابعهما ، والمدارك الحيوانيّة لتقيّدها بالتعيّنات الكثيرة لا تدرك الّا الموجودات المقيّدة بالتعيّنات من حيث هي مقيّدة ولذا تتوّهم انّ الأصل في التحقّق والمجعول بالذّات والمحكوم عليه هي التعيّنات وانّ الوجودات أمور اعتباريّة لا حقيقة لها ولا عليّة ولا معلوليّة فيها.
واعلم أيضا انّ مرتبة من تلك الحقيقة غيب مطلق لا خبر عنها ولا اسم لها ولا رسم والاخبار عنها بأن لا خبر عنها من قبيل الاخبار عن المعدوم المطلق بأنّه لا خبر عنه والاسم الّذى استأثره الله تعالى لنفسه ولم يظهره لغيره هو في تلك المرتبة ، ومرتبة منها ظهور المرتبة الاولى وتجليّه تعالى بأسمائه وصفاته وذلك الظّهور يسمّى باعتبار بالواحديّة وباعتبار بالمشيّة كما يسمّى باعتبار بالعرش وباعتبار بالكرسي وباعتبار بالله وباعتبار بالعلىّ وهي كلمة الله وفعل الله وإضافته الاشراقيّة ونور الله في السّماوات والأرض وتسمّى بنفس الرّحمن للتّشبيه بنفس الإنسان وهي البرزخ بين الوجوب والإمكان والجامع بين الاضداد كلّها وفي تلك المرتبة يجيء الكثرة كم شئت بحسب كثرة الأسماء والصّفات وبحسب كثرة التعيّنات :
تحقيق معنى بسيط الحقيقة كلّ الأشياء
وما قيل انّ بسيط الحقيقة كلّ الأشياء وليس بشيء منها ، اشارة الى تلك المرتبة ؛ والّا فمرتبة الوجوب الذّاتىّ لا خبر عنه كما مرّ ووجه كونها كلّ الأشياء انّها ماخوذة لا بشرط والمأخوذ لا بشرط لا ينافي المأخوذ بشرط بل هو هو مقطوع النّظر عن الشّرط وما ورد في الآيات والاخبار في بيان هذا الاتّحاد مشيرا الى بقاء المغايرة بين هذه المرتبة وبين الأشياء مثل قوله تعالى (هُوَ مَعَكُمْ) وقوله تعالى (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) وقوله (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) وقوله (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وقول المعصوم (ع) داخل في الأشياء لا بالممازجة وقوله (ع) ما رأيت شيئا الّا ورأيت الله فيه وغير ذلك ممّا يدلّ على الاتّحاد والمغايرة أجود من قولهم بسيط الحقيقة كلّ الأشياء وليس بشيء من الأشياء ، حيث يحتاج الى هذا القيد ويوهم اتّحاده مع الأشياء ومن حيث انّها مقيّدة بقيودها ومراتب