منها ظهورات تلك المرتبة بحسب تنزّلاتها وترقيّاتها وتكثّراتها بحسب التعيّنات وتلك المراتب هي الّتى تسمّى باعتبار بالملائكة الّذين هم قيام لا ينظرون والصّافات صفّا والمدبّرات امرا والرّكّع والسجّد وعالم الكون المنقسم الى السّماويّات والارضيّات ، وباعتبار بالأقلام العالية واللّوح المحفوظ ولوح المحو والإثبات وعالم العين المنقسم الى الاباء العلويّة والامّهات السّفليّة ودار الجنّة وكلّ تلك المراتب نازلها مثال وظهور لعاليها وعاليها حقيقة لنازلها والإنسان الّذى هو خلاصة جملة الموجودات أيضا له مراتب كمراتب العالم وكلّ مرتبة منه حقيقة أو رقيقة لما سواه فكلّما يجرى على لسان بشريّته رقيقة وتنزّل وظهور لما يجرى على لسان مرتبة مثاله ، وما يجرى على لسان مثاله رقيقة لما يجرى على لسان قلبه ، وهكذا وكلّ تلك رقائق لما ثبت في المشيّة وفضل الإنسان بقدر الاستشعار بتلك المراتب والاتّصال بها ، ومن لا يدرك من الإنسان سوى البشريّة فقدره قدر البهيمة وأكثر النّاس غافلون عن تلك المراتب لا يدركون من الإنسان سوى ما في إهابه والمستشعر بتلك المراتب والمتحقّق بها إذا تكلّم هو أو غيره بكلمة يستشعر بحقائق تلك الكلمة وصور حروفها في المراتب العالية أو يتحقّق بها.
تحقيق جريان الحروف المقطّعة على لسان المنسلخ عن هذا البنيان
وما قيل : انّ كلّ حرف من القرآن في الألواح العالية أعظم من جبل أحد ؛ صحيح عند هذا الاستشعار أو التحقّق ، وقد يتحقّق الإنسان بالمراتب العالية أو يستشعر بها اوّلا ثمّ ينزّل من تلك المراتب على بشريّته الكلمات الّتى هي رقائق ما يظهر عليه من الحقائق في تلك المراتب ، وقد نقل عن بعض انّه كان إذا سمع كلمة دالّة على المعاني العالية أو ذكر كلمة كذلك يأخذه الغشي وينسلخ من بشريّته وربّما كان يتكلّم حين الغشي بالحقائق الالهيّة وقد كان رسول الله (ص) يأخذه حالة شبيهة بالغشى حين نزول الوحي وكان (ص) قد يظهر عليه الحقائق حينئذ في تلك المراتب بنحو التّفصيل وتنزّل على بشريّته أيضا بنحو التّفصيل وتسمّى النّازلة بكلام الله وبالحديث القدسي ، وقد يظهر الحقائق بنحو الإجمال والبساطة وتنزّل على بشريّته كذلك فيعبّر عنها بطريق الإجمال وبالحروف المقطّعة مثل فواتح السّور.
معنى تأويل القرآن وبطونه
وتأويل القرآن عبارة عن إرجاع ألفاظه الى حقائقها الثابتة في تلك المراتب ، وبطون القرآن عبارة عن الحقائق الثابتة في تلك المراتب ولكون المراتب باعتبار كليّاتها سبعا وباعتبار جزئيّاتها ترتقى الى سبعمائة الف اختلف الاخبار في تحديد البطون ولعدم إمكان التّعبير عن تلك الحقائق للرّاقدين في مراقد الطّبع الّا بالأمثال كما يظهر الحقائق العينيّة للنّائمين عن هذا العالم بالأمثال اختلف الاخبار في تفسير فواتح السّور وما ورد في تفسيرها صريحا أو تلويحا تبلغ اثنى عشر وجها فنقول : آلم ، امّا بعض حروف الاسم الأعظم القى اليه (ص) تنبيها له (ص) حتّى يؤلّفه ويدعو به أو هو من الأسرار الّتى لا يطلع عليها أحدا أو هو مأخوذ من حروف الكلمات الّتى هو اشاره إليها مثل انا الله المجيد أو هو مأخوذ من حروف الأسماء الّتى هو اشارة إليها مثل الله ، جبرئيل (ع) محمّد (ص) أو هو اسم للسّورة أو للقرآن كما قيل أو هو اسم لله أو لمحمّد (ص) أو هي أسماء للحروف البسيطة المركّب منها الكلمات ، والمقصود انّ المؤلّف ، من مسمّياتها هذا القرآن أو السّورة وهي لغتكم وأنتم عاجزون عن مثله أو هو اشارة الى مراتب وجود العالم أو مراتب وجوده (ص) أو هو اشارة الى بد وظهور أقوام وآجالهم.