فالإنسان ما لم يخرج من دار الجهل لم يجز له طلب الإدراكات العلميّة حكمة كانت أو فقها أو غيرهما لتضرّره بها واشتداد جهله منها كما قيل :
بد گهر را علم وفن آموختن |
|
دادن تيغ است دست راهزن |
جمله صحرا مار وكژدم پر شود |
|
چونكه جاهل شاه حكم مر شود |
چون ملايك گوى لا علم لنا |
|
تا بگيرد دست تو علّمتنا |
گر در اين مكتب ندانى تو هجى |
|
همچو احمد پرّى از نور حجى |
الفصل الثّانى
في شرافة هذا العلم وخساسة الجهل
قد علم ممّا ذكر شرافة العلم وكفى في شرافته انّه المايز بين الإنسان وساير الحيوان وانّ الإنسان أشرف من كلّ حيوان بل من كلّ موجود سوى الرّحمن ؛ وقوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) اشارة الى شرافته لذكره الامتنان بتعليم البيان بعد خلق الإنسان وقوله (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) يبيّن شرافته بل نقول شرافته فطريّة لتقديم كلّ ذي صنعة الا علم في صنعته على نفسه لشهادة فطرته بتقدّمه وشرافته ولشرافة هذا العلم يكرم من لا خبرة له صاحبي الجهل المشابه للعلم لظنّهم انّ جهلهم علم ويقبلون منهم ويقبلون عليهم ، ولو لا هذه الشّرافة للعلم وتلك المشابهة لكانوا يفرّون منهم فرار الضّأن من السّرحان ، ولشرافته ورد بطرق مختلفة وألفاظ متوافقة ومتخالفة انّ : طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة وورد : انّ الله يحبّ بغاة العلم ، وانّ من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا الى الجنّة ، وانّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به ، وانّه ليستغفر لطالب العلم من في السّماء ومن في الأرض حتّى الحوت في البحر ، وانّ من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم وينتفع قلبه ويعلّمه غيره كتب الله له بكلّ خطوة عبادة الف سنة صيامها وقيامها وحفّته الملائكة بأجنحتها وصلّى عليه طيور السّماء وحيتان البحر ودواب البرّ وأنزله الله بمنزلة سبعين صدّيقا ، وانّ العلماء ورثة الأنبياء ، وانّ من تعلّم العلم وعمل به وعلّم لله دعا في ملكوت السّماء عظيما ، وانّ محادثة العالم على المزابل خير من محادثة الجاهل على الزرابيّ ، وانّ النّاس عالم ومتعلّم وغثاء ، وورد اغد عالما أو متعلّما أو احبّ أهل العلم ولا تكن رابعا فتهلك ببغضهم ، وانّه لا خير في العيش الّا لرجلين عالم مطاع أو مستمع واع ، وانّ عالما ينتفع بعلمه أفضل من سبعين الف عابد ، والسرّ في ذلك كلّه انّ جهات الشّرف مجتمعة في العلم لانّ شرف الأوصاف امّا بشرف محالّها ومحلّ العلم بعد الله والملائكة نفس الإنسان من جهتها الروحانيّة لا من جهتها الحيوانيّة ولا شكّ انّ نفس الإنسان أشرف النّفوس وجهتها الرّوحانية أشرف جهاتها ، أو بشرف موصوفاتها والموصوف بالعلم هو الحقّ الاوّل ثمّ الملائكة ثمّ الإنسان الّذى هو أشرف الموجودات ، أو بشرف غاياتها وغاية العلم غاية الإنسان وهو الحشر الى الرّحمن ولا غاية أشرف منه ، أو بشرف لوازمها ولوازم العلم الخلاص من أسر النّفس وشهواتها وغضباتها وحيلها الشّيطانيّة والخشية والخشوع والرّاحة والسّرور والالتذاذ بمناجاة الله والمحادثة مع ملائكة الله بل مع الله والتّشبّه بالإله في الاحاطة بما سواه وكلّما ذكر من جهات الشّرافة للعلم فأضدادها الّتى هي جهات الخساسة ثابتة للجهل المشابه للعلم بحكم المقابلة ، وهذا الجاهل هو العالم التّارك لعلمه اى للجهة العلميّة من مدركاته ، وانّ أهل النّار ليتأذّون من ريح العالم التّارك لعلمه ، وانّ اشدّ أهل النّار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا الى الله تعالى فاستجاب له وقبل منه فأطاع الله فأدخله الجنّة وأدخل الدّاعى النّار