بنورها القلوب أسماعهم كصيّب اى مطر أو سحاب فهو معطوف على قوله (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ) لا على الّذى استوقد كما قيل (فِيهِ ظُلُماتٌ) ظلمة اللّيل وظلمة تتابع المطر وظلمه تراكم السّحاب.
تحقيق الرعد والبرق والسّحاب والمطر
(وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) اعلم انّ السّحاب والرعّد والبرق من جملة كائنات الجوّ وسبب تكوّن السّحاب تصاعد البخار من الأراضي الرّطبة المتسخّنة بالشّمس أو بكونها كبريّتية أو مالحة سبخة فاذا تصاعد البخار ووصل قبل تحلّله واستحالته الى الهواء الى قريب كرة الزمهرير تراكم وصار سحابا حاجبا لما وراءه ، والبخار عبارة عن أجزاء رشّيّة مائيّة مختلطة بأجزاء هوائيّة وبعد التّراكم يجتمع الاجزاء المائيّة ويستحيل شيء من الاجزاء الهوائيّة الى الماء فان لم تنعقد ببرودة الهواء صارت مطرا ، وان انعقدت بعد الاجتماع صارت بردا ، وان انعقدت قبل الاجتماع التّامّ صارت ثلجا ، وقد يتصاعد من الأراضي السّبخة والكبريتيّة دخان مختلط مع البخار ، والدّخان مركّب من الاجزاء الارضيّة والاجزاء النّاريّة المختلطة بالاجزاء الهوائيّة ، فاذا وصل ذلك البخار الى كرة الزّمهرير وتراكم واحتبس الاجزاء الدخانيّة بين الاجزاء البخاريّة والحال انّ الاجزاء الارضيّة مائلة بالطّبع الى السّفل والاجزاء النّاريّة مائلة بالطّبع الى العلو فما دام النّاريّة غالبة يتحرّك الاجزاء الدّخانيّة من بين السّحاب الى العلو بالشدّة وان كانت الاجزاء الارضيّة غالبة تتحرّك الى السّفل بالشّدة وبحركتها الشّديدة تخرق السّحاب الّذى هو أغلظ من الهواء ويحصل من خرقها الصّوت الّذى يسمّى رعدا ، فان كان مادّة الدخان لطيفة يشتعل بتسخين الحركة وسخونة الاجزاء النّاريّة وينطفى بسرعة ويسمّى برقا ، وان كانت غليظة يشتعل ولا ينطفى بسرعة بل يبقى حتّى يصل الى الأرض ويسمّى صاعقة ، ولا ينافي ما ذكر ما ورد في الاخبار من انّ الرّعد أصوات أسواط الملائكة الموكّلة على السّحاب (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) حال أو صفة أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل ما حال النّاس والضّمير راجع الى النّاس المستفاد بالملازمة (مِنَ الصَّواعِقِ) من أجل الصّواعق جمع الصاعقة (حَذَرَ الْمَوْتِ) من خرق صوت الصّاعقة اصمختهم أو ضمير يجعلون راجع الى المنافقين كأنّه سأل سائل عن حال المنافقين الممثّل لهم ، ويكون الصّواعق حينئذ مجازا عن الكلمات الّتى تقرع أسماعهم ممّا فيه تهديد ووعيد شديد وهذا أوفق بقوله (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) اى بهم فوضع الظّاهر موضع المضمر اشعارا بذمّ آخر لهم ، هذا على ان يكون ضمير يجعلون راجعا الى المنافقين والجملة حالا من فاعل يجعلون والمعنى لا ينفعهم الحذر إذ لا يمكن الفرار من حكومته (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) جواب سؤال آخر كأنّه قيل ، ما حال الممطرين أو المنافقين مع البرق ، والخطف الاذهاب بسرعة ، أو حال مترادفة أو متداخلة (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) استيناف آخر وجواب سؤال ثالث أو حال مترادفة أو متداخلة ، وأضاء متعدّ ولازم وكذلك أظلم وان كان متعدّية في غاية القلّة والمعنى كلّما أضاء الله أو البرق ما حولهم أو الطّريق مشوا في الضّياء أو في ما حولهم أو في الطّريق ، وإذا أظلم الله ما حولهم أو إذا أظلم ما حولهم أو الطّريق أو المعنى كلّما أضاء ما حولهم أو الطّريق ، وإذا أظلم ما حولهم أو الطّريق ، ولمّا كان الإنسان بالفطرة كادحا الى الله والى الخيرات فكلّما وجد معينا من عالم النّور سعى اليه لا محالة ، وإذا لم يجد المعين من عالم الخيرات قد يقف