يقتضي ان يخبر عن المصادر بالجارّ والمجرور باللّام أو بمن إذا وقع الفاعل عقيب حرف الجرّ مخبرا به ، وأيضا الخوف يقتضي الاستيلاء على النّفس بحيث لا تتمالك ويناسبه لفظ على ، ويحتمل ان يكون المعنى لا خوف لغيرهم عليهم يعنى لا ينبغي ان يخاف عليهم وحينئذ فلا إشكال. والحزن حالة حاصلة من استشعار فوات محبوب في الحال أو في الاستقبال ويستلزمه أيضا انقباض القلب واجتماع الرّوح الحيوانيّة والحرارة الغريزيّة في الباطن والقلب وسائر لوازم ذلك وقلّما ينفكّان وهكذا الغمّ والّهم فكان الحزن ينبعث من باطن الحزين من حيث انّه مستشعر لفوات المحبوب وليس لورود امر من خارج وللاشعار بهذه اللّطيفة جاء بالقرينتين مختلفتين فانّ حقّ العبارة ان يقول فلا خوف عليهم ولا حزن أو فلا هم يخافون ولا هم يحزنون ، ويستعمل الحزن من باب علم لازما ومن باب قتل متعدّيا ، والخوف والحزن ضد الرّجاء والسّرور في الذّات وفي اللّوازم والآثار.
وجواب الاشكال بانّ التّابع للهدى مؤمن والمؤمن لا يخلو من الخوف والرّجاء وهما فيه ككفّتي الميزان وكذلك الحزن من لوازم الايمان كما في الاخبار فكيف ينفى عنه الخوف والحزن يستدعى ذكر مقدّمات :
الاولى ـ انّ الخوف يطلق تارة على المعنى الّذى ذكر وتارة على معنى اعمّ ممّا ذكر ومن الخشية والهيبة والسّطوة فانّ الإنسان في مقام الايمان التّقليدىّ وهو أنزل مقامات النّفس المؤمنة له خوف ، وإذا عرج الى مقام الايمان التّحقيقىّ بوجدان آثار ما من الايمان في نفسه وهو أعلى مقام النّفس المؤمنة ومقام إلقاء السّمع يتبدّل خوفه بالخشية ، وإذا عرج الى مقام القلب وهو مقام الايمان الشّهودىّ يتبدّل خشيته بالهيبة ، وإذا عرج الى مقام الرّوح وهو مقام الايمان التّحقّقىّ يتبدّل هيبته بالسّطوة ، ولفظ الخوف قد يطلق على الجميع.
والثّانية ـ انّ تعليق الجزاء يقتضي اعتبار حيثيّة وصف الشّرط في التّلازم.
والثّالثة ـ انّ المراد بالهدى هو النّبىّ (ص) أو وصيّه (ع) أو شأن من الله يظهر على نفس الإنسان بواسطة البيعة مع أحدهما ومتابعته ، أو المراد بالهدى مثال أحدهما يظهر على صدر الإنسان بقوّة متابعته لهما.
والرّابعة انّ التّابع للنّبىّ (ص) أو وصيّه (ع) إذا خلص متابعته له عن متابعة غيره يتمثّل المتبوع عنده بحيث ينجذب التّابع بتمام مداركه وقواه الى الصّورة المتمثّلة عنده ويأخذ ذلك المثال بمجامع قلبه ولا يدع مدخلا ولا مخرجا لغيره فلا يدع له ادراك الغير حتّى يستشعر بالتّضرّر منه فيخاف أو بفواته فيحزن ؛ فعلى هذا معنى الآية فمن تبع هداي بحيث يتمثّل الهادي عنده فلا خوف عليه ولا حزن من حيث انّه تابع وان كان قد يخرج من تلك الحيثيّة فيدخله حينئذ خوف وحزن.
وقد عدّ الخوف والحزن من صفات النّفس وهو خارج عن مقام النّفس وهذا التمثّل هو الّذى قالته الصّوفيّة من انّ السّالك ينبغي ان يجعل شيخة نصب عينيه بحيث لا يشتغل عنه بغيره ومقصودهم انّ السّالك ينبغي ان يتوغّل في الاتّباع حتّى يتمثّل المتبوع عنده لا ان يتكلّف ذلك من غير اتّباع ، فانّه كفر وليس الّا في النّار وقد قيل بالفارسيّة.
جمله دانسته كه اين هستى فخ است |
|
ذكر وفكر اختياري دوزخ است |
فانّ الفكر في لسانهم عبارة عن تمثّل الشّيخ عند السّالك والمراد بالاختياريّ هو الّذى يتكلّفه السّالك ويتراءى انّ الفكر الغير الاختيارىّ كالاختيارىّ اشتغال بالاسم وغفلة عن المسمّى وهو كفر شبيه بالاشتغال بالصّنم لكن هذا من جملة الظّنون فانّ الصّورة المتمثّلة إذا كان بقوّة المتابعة لا بتكلّف السّالك لا تكون الّا مرآة لجمال الحقّ الاوّل تعالى ولا يكون فيها حيثيّة سوى كونها مرآة والمشتغل بها عابد للمسمّى بإيقاع الأسماء عليه لا محالة ، لا انّه عابد للاسم والمسمّى أو للاسم فقط فهو موحّد حقيقىّ ، وقد قالوا : انّ ظهور