ركعتين فيدعو الله فيهما اما سمعت الله تعالى يقول : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ.). وعنه (ع) كان علىّ (ع) إذا هاله شيء فزع الى الصّلوة ثمّ تلا هذه الآية (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (وَإِنَّها) اىّ الصّلوة كما يستنبط من الأخبار وقيل : الاستعانة بهما ، وما في تفسير الامام (ع) من قوله انّ هذه الفعلة من الصّلوات الخمس والصّلوة على محمّد (ص) وآله (ع) مع الانقياد لأوامرهم والايمان بسرّهم وعلانيتهم وترك معارضتهم بلم وكيف يدلّ على انّ الضمّير راجع الى الصّلوة وانّ المراد بالصّلاة الولاية الظاّهرة بالصّلوات الخمس والصّلوة على محمّد (ص) وآله (ع) والانقياد لأوامرهم وترك مخالفتهم (لَكَبِيرَةٌ) على كلّ أحد لانّ الإنسان ما لم يخرج من انانيّته ولم يستشعر بعظمة الله لا يتيسّر له الصّلوة الّتي هي الانقياد تحت أمر الله والتّسخّر له أو الأفعال المسبّبة عن الانقياد فانّ الانانيّة الّتي هي صفة الشّيطان والنّفس منافية للانقياد الّذى هو صفة الإنسان (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) المتذلّلين تحت عظمة الله الخارجين من انانيّتهم وعظمتهم ، والخشوع والخضوع والتّواضع ألفاظ متقاربة المعنى فانّ الخشوع حالة حاصلة من الاستشعار بعظمة المتخشّع له مع محبّته والالتذاذ بوصال ما منه ممزوجا بألم الفراق ؛ والخضوع تلك الحالة ، لكنّ الاستشعار بالعظمة في الخضوع أكثر منه في الخشوع والمحبّة أخفى ، والتّواضع تلك الحالة والعظمة أكثر والمحبّة أخفى بالنّسبة الى الخضوع.
اعلم انّ الإنسان كلّما ازداد خروجه من انانيّته وشيطنته ازداد انقياده لولىّ امره ، وكلّما ازداد جهة انقياده ازداد خشوعه اى استشعاره بعظمة ولىّ امره والتذاذه بوصاله وتألّمه بجهة فراقه ، وكلّما ازداد خشوعه ازداد تلذّذه بصلوته حتّى تصير صلوته قرّة عينه ويجعل راحته في صلوته كما روى عن النّبىّ (ص) انّه قال : قرّ عيني في الصّلوة ، وكان يقول : روّحنا يا أرحنا يا بلال.
(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) في الحيوة الدّنيا قد يفسّر الرّبّ بالرّبّ المضاف والملاقاة بملاقاة الرّبّ المضاف من حيث ربوبيّته وهي بظهور مثاله على الصدر المعبّر عنه في اصطلاح الصّوفيّة بالفكر وفي لسان الشّريعة بالسّكينة وهو ظهور صاحب الأمر في العالم الصّغير واوّل مراتب معرفة علىّ بالنّورانيّة وحينئذ فالظّنّ بمعناه فانّهم لا يتيقّنون ذلك بل يتوقّعونه ويرجونه وقد يفسّر بملاقاة الرّبّ المضاف في الآخرة فالظّنّ أيضا بمعناه
لانّهم لا يعلمون انّهم يلاقون ربّهم في الآخرة أو يختم لهم بالشّرّ فينكسون في النّار وقد يفسّر بملاقاة الحساب والجزاء يعنى بالبعث فالظّنّ بمعنى اليقين ، ولمّا كان النّفس علومها غير معلوماتها بل قد يتخلّف المعلومات عنها كثيرا ما يستعمل الظّنّ فيها لمشابهتها بالظّنون في ذلك بخلاف علوم القلب والرّوح (وَأَنَّهُمْ) بعد لقائه في الحيوة الدّنيا أو بعد بعثتهم ولقاء حسابه في الآخرة (إِلَيْهِ راجِعُونَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ) كرّر النّداء للتّأكيد ولانّ المراد ببني إسرائيل هناك كما مضى بنو آدم والمراد بهم هاهنا بنو إسرائيل حقيقة فانّ المراد إظهار الامتنان بالنّعم الّتى أنعمها عليهم خاصّة لكنّ الغرض التّعريض بامّة محمّد (ص) وسائر الخلق (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) ببعثة الأنبياء فيكم ودلالتهم لكم الى بعثة محمّد (ص) وخلافة وصيّه ، أو المراد من النّعمة المضافة جنس النّعمة ويكون قوله : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) من قبيل عطف التّفصيل على الإجمال على الوجه الأخير ، ونسبة النّعم الى الموجودين مع انّها كانت لاسلافهم المعدومين على طريق مخاطبات العرف فانّهم ينسبون ما وقع من قبيلة الى بعضهم الّذى لم يشاركوهم من جهة السّنخيّة والموافقة في الحسب والنّسب ، والمراد من العالمين أهل عالمهم الموجودون معهم لا أهل كلّ عالم