على جواز الرّجعة كما ورد الاخبار بها وصارت كالضّرورىّ في هذه الامّة وقد احتجّ أمير المؤمنين (ع) بها على ابن الكّواء في إنكاره الرّجعة ، وورد انّه سئل الرّضا (ع) كيف يجوز ان يكون كليم الله موسى بن عمران لا يعلم انّ الله لا يجوز عليه الرّؤية حتّى يسأله هذا السّؤال؟ ـ فقال : انّ كليم الله علم أنّ الله منزّه عن ان يرى بالأبصار ولكنّه لمّا كلّمه وقرّبه نجيّا رجع الى قومه فأخبرهم أنّ الله كلّمه وقرّبه وناجاه فقالوا : لن نؤمن لك حتّى نسمع كلامه كما سمعته ؛ وكان القوم سبعمائة الف فاختار منهم سبعين ألفا ثمّ اختار منهم سبعة آلاف ثمّ اختار منهم سبعمائة ثمّ اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربّه ؛ فخرج بهم الى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل وصعد موسى الى الطّور وسأل الله ان يكلّمه ويسمعهم كلامه وكلّمه الله وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وامام لانّ الله أحدثه في الشّجرة ثمّ جعله منبعثا منها حتّى سمعوه من جميع الوجوه فقالوا : لن نؤمن بأنّ هذا الّذى سمعناه كلام الله حتّى نرى الله جهرة ، فلمّا قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عليهم صاعقة فأخذتهم الصّاعقة بظلمهم فماتوا ، فقال موسى (ع) : ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا انّك ذهبت بهم فقتلتهم ؛ لانّك لم تكن صادقا فيما ادّعيت من مناجاة الله ايّاك؟ فأحياهم وبعثهم فقالوا : انّك لو سألت الله ان يريك تنظر اليه لأجابك فتخبرنا كيف هو ونعرفه حقّ معرفته فقال موسى (ع) : يا قوم انّ الله لا يرى بالأبصار ولا كيفيّة له وانّما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه فقالوا : لن نؤمن لك حتّى تسأله ، فقال موسى (ع): يا ربّ انّك قد سمعت مقالة بنى إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم فأوحى الله اليه يا موسى (ع) : سلني ما سألوك فلم أؤاخذك بجهلهم فعند ذلك قال موسى : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ، قالَ : لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ) وهو يهوى (فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) بآية من آياته (جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ : سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ) يقول رجعت الى معرفتي بك عن جهل قومي (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) منهم بأنّك لا ترى.
وذكر في الاخبار أنّ موسى اختار من قومه وهم سبعمائة ألف سبعين رجلا من خيار القوم بزعمه وقد وقع اختياره على الأفسد مع ظنّه أنّهم الاصلحون وإذا كان اختيار مثل موسى (ع) رسولا من اولى العزم واقعا على الأفسد علمنا انّ اختيار الخلق معزول عن تعيين الامام الّذى ينبغي ان يكون أصلح الخلق. وورد انّ موسى (ع) لمّا أراد ان يأخذ عليهم عهد الفرقان فرّق ما بين المحقّين والمبطلين لمحمّد (ص) بنبوّته ولعلىّ (ع) والائمّة بإمامتهم قالوا لن نؤمن لك ان هذا امر ربّك حتّى نرى الله عيانا يخبرنا بذلك فأخدتهم الصّاعقة معاينة فقال موسى : للباقين الّذين لم يصعقوا أتقبلون وتعترفون والّا فأنتم بهؤلاء لاحقون فقالوا : لا ندري ما حلّ بهم فان كانت انّما أصابتهم لردّهم عليك في أمر محمّد (ص) وعلىّ (ع) فاسأل الله ربّك بمحمّد (ص) وآله (ع) ان يحييهم لنسألهم لماذا أصابهم ، فدعى الله موسى فأحياهم فسألوهم فقالوا : أصابنا ما أصابنا لابائنا اعتقاد إمامة علىّ (ع) بعد اعتقاد نبوّة محمّد (ص) لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربّنا من سماواته وحجبه وعرشه وكرسيّه وجنانه ونيرانه فما رأينا أنفذ أمرا في جميع الممالك وأعظم سلطانا من محمّد (ص) وعلىّ (ع) وفاطمة (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) وانّا لمّا متنا بهذه الصّاعقة ذهب بنا الى النّيران فناداهم محمّد (ص) وعلىّ (ع) كفوّا عن هؤلاء عذابكم فانّهم يحيون بمسئلة سائل سأل ربّنا عزوجل بنا وبآلنا الطّيبين (ع) قال الله لأهل عصر محمّد (ص) : فاذا كان بالدّعاء بمحمّد (ص) وآله الطيّبين (ع) نشر ظلمة أسلافكم المصعوقين بظلمهم فانّما يجب عليكم ان لا تتعرّضوا لمثل ما هلكوا به الى ان أحياهم الله (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) قد مضى وجه نسبة فعل الاسلاف الى الأخلاف وأنّها بملاحظة السّنخيّة بينهم وملاحظة رضا الأخلاف بفعل الاسلاف ،