لمن كان مخطئا منكم (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) منكم الجملة مستأنفة لبيان حال المحسن مخطيا كان أو غير مخطئ (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) اى لم يسجدوا كما أمروا ولا قالوا ما أمروا بل دخلوا الباب بأستاههم وقالوا بدل حطّة : حنطة حمراء نتقوّتها أحبّ إلينا من هذا الفعل وهذا القول ، أو قالوا حنطة في شعير. وروى أنّه كان خلافهم انّهم لمّا بلغوا الباب رأوا بابا مرتفعا وقالوا : ما بالنا نحتاج ان نركع عند الدّخول هاهنا ظننّا أنّه باب متطأمن لا بدّ من الرّكوع فيه وهذا باب مرتفع والى متى يسخر بنا هؤلاء يعنون موسى ثمّ يوشع بن نون ويسجدوننا في الأباطيل وجعلوا أستاههم نحو الباب وقالوا بدل قولهم حطّة : ما معناه حنطة حمراء فذلك تبديلهم (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) وضع الظّاهر موضع المضمر وتكرار الموصول لتمكين قبح الظّلم في قلوب المستمعين والاشعار بسببيّته للزّجر كما انّ تعليق التّبديل على الموصول كان للاشعار بسببيّته لتبديل قول النّبىّ (ص) الّذى هو قول الله والمقصود التّعريض بأمّة محمّد (ص) وظلمهم لأهل البيت (ع) وتبديلهم قول النّبىّ (ص) ونسب الى الباقر (ع) أنّه قال : نزل جبرئيل (ع) بهذه الآية فبدّل الّذين ظلموا آل محمّد (ص) حقّهم غير الّذى قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا آل محمّد (ع) وهذا باعتبار المعرّض به والمقصود من الآية (رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) الرّجز بالكسر وبالضّم بمعنى العذاب أو النّجاسة أو مطلق ما يعاف عنه كالرّجس (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) يخرجون من امر الله وطاعته ذكر انّ الرّجز الّذى أصابهم انّه مات منهم في بعض يوم بالطّاعون مائة وعشرون ألفا وهم الّذين كانوا في علم الله أنّهم لا يؤمنون ولا يتوبون ولم ينزّل على من علم أنّه يتوب أو يخرج من صلبه ذرّيّة طيّبة (وَ) اذكروا (إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) لم يقل لكم بالخطاب كما أتى بخطاب الحاضرين من بنى إسرائيل في السّابق واللّاحق تجديدا للاسلوب واشعارا بأنّ استسقاء موسى كان لبني إسرائيل من حيث كونهم قومه وموافقين له متضرعين اليه مستحقّين لطلب الرّحمة لهم وليس الحاضرون اسناخا لهم من هذه الجهة حتّى يخاطبوا من هذه الحيثيّة فانّهم لما عطشوا في التّيه التجأوا الى موسى وتضرّعوا عليه واستسلموا لأمره فاستسقى لهم (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) وكان ذلك الحجر حجرا مخصوصا فضربه بها داعيا بمحمّد (ص) وآله الطيّبين (ع) نسب الى الباقر (ع) انّه قال نزلت ثلاثة أحجار من الجنّة ؛ مقام إبراهيم (ع) ، وحجر بنى إسرائيل ، والحجر الأسود. وعنه إذا خرج القائم من مكّة ينادى مناديه : الا لا يحملنّ أحد طعاما ولا شرابا وحمل معه حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير ولا ينزل منزلا الّا انفجرت منه عيون ؛ فمن كان جائعا شبع ، ومن كان ظمأن روى ، ورويت دوابّهم حتّى ينزلوا النّجف من ظهر الكوفة (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ) من الأسباط الاثنى عشر من أولاد يعقوب (مَشْرَبَهُمْ) ولا يزاحمون الآخرين في مشربهم ، وكأنّ مشرب كلّ كان معلوما مميّزا عن مشارب الآخرين قائلين لهم (كُلُوا) من المنّ والسّلوى ، أو كانت العيون تنبع بما فيه غذاؤهم وشرابهم كما أشار اليه الخبر السّابق (وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) حال مؤكّدة فانّ العثو بمعنى الإفساد (وَإِذْ قُلْتُمْ) واذكروا أتى بالخطاب لمجانسة الحاضرين للماضين في الإنكار والكفران (يا مُوسى