سورة الانعام
مكّيّة غير ستّ آيات ؛ ثلاث منها من قوله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (الى آخر ثلاث
آيات) وثلاث من قوله : (قُلْ تَعالَوْا) (الى آخر ثلاث آيات) أو غير الثّلاث الاخيرة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) قد مضى (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الخلق قد يطلق على مطلق الإيجاد سواء كان مسبوقا بمدّة ومادّة وهو الخلق بالمعنى الاخصّ كالمواليد أو مسبوقا بمادّة دون المدّة وهو الاختراع كالأفلاك وما في جوفها من العناصر ، أو لم يكن مسبوقا بشيء منهما مع التعلّق بالمادّة وهو الإنشاء كالنّفوس ، أو بدونه وهو الإبداع كالعقول ، والجعل المتعدّى لواحد بمعنى الخلق لكنّ الأغلب استعماله فيما له تعلّق بمحلّ أو شيء آخر عرضا كان أو جوهرا كقوله (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) لما فيه من شوب معنى التّصيير ، ولمّا كان النّور والظّلمة العرضيّان متعلّقين بالمحلّ ذكر الخلق بالمعنى الاعمّ في إيجاد السّماوات والأرض والجعل في إيجاد النّور والظّلمة ، والسّماء اسم لما له ارتفاع وتأثير فيما دونه والأفلاك الطّبيعيّة أحد مصاديقها ، فانّ العقول الطّوليّة يعنى الملائكة المقرّبين والّذين هم قيام لا ينظرون والعقول العرضيّة يعنى الملائكة الصّافات صفّا والنّفوس الكلّيّة المدبّرات امرا والنّفوس الجزئيّة الرّكّع والسّجّد والأشباح المثاليّة ذوات الاجنحة كلّها سماوات ، والأرض اسم لما فيه تسفّل وقبول عن الغير فالأرض الغبراء وعالم الطّبع بسمائها وأرضها والأشباح الظّلمانيّة يعنى عالم الجنّة والشّياطين بل الأشباح النّوريّة كلّها ارض بالنّسبة الى عالم الأرواح لتسفّلها وتأثّرها عنه ، والمادّة الاولى المسمّاة بالهيولى والثّانية المسمّاة بالجسم والثّالثة المسمّاة بالعنصر والرّابعة المسمّاة بالجماد والخامسة المسمّاة بالنّبات والسّادسة المسمّاة بالحيوان والسّابعة المسمّاة بالبشر كلّها أراض بالنّسبة الى الصّور والنّفوس وكلّها طبقات متراكمة ودركات متلاحمة في وجود الإنسان ، والأرض الغبراء ارض بالنّسبة الى الأفلاك ودركات العالم الظّلمانى السّفلىّ الّذى فيه الجنّة والشّياطين ودركات الجحيم ودار المعذّبين أراض بالنّسبة الى عالم المثال ، ومن الأرض مثلهنّ اشارة الى ما ذكر من مراتب العالم السّلفىّ أو مراتب الموادّ وقد أطلق في الاخبار السّماء والأرض على غير ما ذكر من الصّفات والأخلاق وطبقات السّماء باعتبار محيطيّتها ومحاطيّتها والكلّ راجع الى ما ذكر لهما من المفهوم وقد قيل بالفارسيّة :
آسمانهاست در ولايت جان |
|
كارفرماى آسمان جهان |