وقعا سواء كان الخطاب عامّا أو خاصّا أو بالنّظر الى المخاطب المخصوص اعنى محمّدا (ص) فانّه ينظر ويرى ما لم يجيء في سلسلة الزّمان (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) حين تتلو عليهم آيات الكتاب أو مناقب وصيّك (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) جمع الكنان وهو ما يستر الشّيء كراهة (أَنْ يَفْقَهُوهُ) أو لئلّا يفقهوه (وَفِي آذانِهِمْ) اى أذان قلوبهم (وَقْراً) كراهة ان يسمعوه فان تتل عليهم كلّ آية في رسالتك أو خلافة وصيّك لا يسمعوا (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ) من آياتنا العظمى ومعجزاتك (لا يُؤْمِنُوا بِها) بسبب ازدياد قسوتهم وعنادهم فكيف يؤمنون بك أو بوصيّك وازدادت قسوتهم (حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ) في نبوّتك أو خلافة وصيّك (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بك أو بوصيّك (إِنْ هذا) القول الّذى تسميّه قول الله أو ان هذا الّذى تقوله في ابن عمّك (إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) جمع اسطار جمع سطر أو جمع اسطورة كناية عن اسمارهم وخرافاتهم (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) عن هذا أو عنك بطريق الالتفات أو عن علىّ (ع) بطريق التّورية (وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) يعنى يمنعون النّاس عنه ويتباعدون عنه (وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) بالتّباعد عنه (وَما يَشْعُرُونَ وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) قرئ ببناء المفعول والفاعل من وقف إذا قام أو اقام أو اطّلع يعنى لو ترى إذ أقيموا أو اطّلعوا على النّار لرأيت عجيبا فظيعا بحذف الجواب (فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا) لما رأوا من مقامك أو مقام أوصيائك (وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بمحمّد (ص) أو بأمير المؤمنين (ع) وهذا الكلام والتّمنّى منهم يكون لدهشة الخوف لا لقائد الشّوق والّا لخلصوا وما أجيبوا بكلّا وانّها كلمة هو قائلها وأمثال ذلك كما في قوله تعالى (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) يعنى ان كانوا يريدون الخروج منها من شوق لم يعيدوا فيها وقوله تعالى (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) دليل عليه فانّ المعنى ما حصل لهم حبّ وشوق الى علىّ (ع) لانّ فطرتهم فطرة البغض له بل بدا لهم وبال نفاقهم فخافوا غاية الخوف فتمنّوا الخلاص من الخوف لا الوصال من الشّوق (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) لانّه ذاتىّ والذّاتيّ لا يتخلّف بل قد يختفى بعارض فاذا زال العارض ظهر (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) في ما يقولون من انّهم ان ردّوا لا يكذبوا ويؤمنوا لما عرفت انّه ليس هذا التّمنّى من شوق ذاتىّ بل من امر عرضىّ يزول بزواله (وَقالُوا) عطف على عادوا أو عطف على (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) والاختلاف بالمضىّ للاشارة الى انّ ذلك قولهم قديما وجديدا ، أو استيناف لذمّ أخر وبيان عقوبة اخرى وهو انسب بما بعده من قوله (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) يعنى تكذيبهم بالبعث يقتضي إحضارهم عند الله بأفضح حال وتكذيبهم بالآيات يقتضي دخولهم في النّار بأشدّ عذاب (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) كما يوقف العبد الجاني على مولاه للمؤاخذة والرّبّ المضاف هو ربّهم في الولاية وهو أمير المؤمنين (ع) وقد قال في بعض كلامه (ع): وإياب الخلق الىّ وحسابهم علىّ ، وقد مضى في مطاوى ما سبق بيان عدم تجاوز الخلق عن المشيّة الّتى هي الولاية وانّها مبدء الكلّ ومنتهاه (قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِ) تعييرا لهم على تكذيب البعث (قالُوا بَلى وَرَبِّنا) لظهوره ولذا اكّدوا الجواب بالقسم تأكيدا للازم الحكم الّذى هو علمهم بالحكم (قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) بربّكم الّذى هو علىّ (ع)