الْهُدى) يعنى انّ هداهم وضلالهم بمشيّة الله وما كان بمشيّة الله فالرّضا به اولى من الحزن عليه (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) انّ الكلّ بمشيّة الله ولمّا توهّم من هذا انّهم مجبورون في أفعالهم ولا دخل لهم في ضلالهم وهديهم رفع ذلك بانّ استعدادهم واستحقاقهم يقتضي تلك المشيّة فقال تعالى (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) يعنى الّذين يستعدّون للقبول فبقدر سببيّة القابل في الفعل لهم سببيّة في ضلالهم وهديهم ولمّا توهّم من انّ المستعدّ يجيب وغير المستعدّ لا يجيب انّه لا ينبغي لغير المستعدّ دعوة ولا امر ولا نهى ولا يلزم عليه ذمّ ولوم فأجاب عنه وقال (وَالْمَوْتى) الّذين لا استعداد لهم والمتوقّفون في مراقد طبعهم إذا جاهدوا (يَبْعَثُهُمُ اللهُ) من مراقد طبعهم (ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) فيسمعون بعد التّوجّه اليه ويجيبون بعد السّماع ليس الموت للموتى حتما ولا الحيوة للأحياء حتما (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ولا يشعرون قدرة الله على ذلك ولا يشعرون الآيات وانّ الله اجلّ من ان يقترح عليه شيء وعدم علمهم لكونهم موتى (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) توصيفه بوصف الجنس وكذا ما بعده للاشارة الى ارادة الجنس (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) مخلوق مرزوق مدبّر والتّناسخيّة يتوسّلون بأمثال هذا في رواج مذهبهم والمقصود ذمّهم على عدم العلم وانّ الحيوانات العجم مثلكم في كلّ جهة وتميزكم عنها بالعلم والاشتداد فيه فاذا لم تكونوا تعلمون فلا تميز بينكم (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) اى في اللّوح المحفوظ الّذى هذا القرآن صورته التّامّة فما فرّط فيه أيضا من شيء وسائر الكتب صورته النّاقصة ولذا كان مهيمنا على الكلّ ناسخا له ، وهو من فرّط الشّيء بمعنى ضيّعه وأهمله لا من فرّط في الشّيء بمعناه حتّى يكون في الكتاب مفعوله ومن شيء مفعولا مطلقا بل في الكتاب ظرف ومن شيء مفعول به ، لانّ المقصود عدم إهمال شيء في الكتاب بترك ثبته فيه وهو يستفاد صريحا إذا جعل من شيء مفعولا به ، وامّا إذا جعل مفعولا مطلقا فلا يستفاد الّا التزاما والمقصود انّا كما احصيناكم في الكتاب وأحصينا أرزاقكم وآجالكم كذلك احصيناهم لا فرق بينكم الّا بالعلم وعدمه (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) كما تحشرون (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) عطف على محذوف اى فالّذين آمنوا بآياتنا وصدّقوها خارجون من صمم الحيوانات وبكمها وظلماتها بامتيازهم بالعلم عنها ، والّذين كذّبوا بآياتنا التّدوينيّة والتّكوينيّة الآفاقيّة وعلىّ (ع) أعظمها والانفسيّة والعقل أعظمها وهو مظهر علىّ (ع) (صُمٌّ وَبُكْمٌ) مثل سائر الدّوابّ وليس الفرق بينهم الّا بالايمان والعلم (فِي الظُّلُماتِ) زائدا على سائر الدّوابّ فانّها غير خارجة من أنوار نفوسها الضّعيفة بخلاف الكافر بالولاية فانّه يخرج من نوره القوىّ الّذى هو نور النّفس الانسانيّة وهو جهة العلم والايمان الى ظلمات الجهل السّاذج ثمّ ظلمات الجهل المركّب ثمّ ظلمات الاهوية الفاسدة ثمّ ظلمات الطّبع ثمّ استدرك توهّم انّ في ملكه ، ما ليس بمشيّته بقوله تعالى (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ) ويجعله اصمّ وابكم وفي الظّلمات (وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) الصّراط المستقيم كما سبق هو طريق الولاية وطريق القلب الى الله وهو الولاية التّكوينيّة وصاحب الولاية طريق أيضا بمراتبه المنتهية الى الله والأصل في صاحبي الولاية علىّ (ع) وطريق القلب وطريق