الولاية وصاحب الولاية متّحدة والتغاير اعتبارىّ فصحّ تفسير الطّريق المستقيم بالولاية وبعلىّ (ع) كلّما وقع كما فسّروه لنا ، فالمعنى من يشأ الله يضلله عن الولاية ومن يشأ يجعله على ولاية علىّ (ع) (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) هذه اللّفظة لكثرة استعمالها صارت كالمثل فلا يتغيّر الضّمير المرفوع بحسب حال المخاطب وقد يلحق صورة الضّمير المنصوب بها وقد لا تلحق وإذا لحقت يلحظ فيها كثيرا حال المخاطب وهي حرف خطاب أو ضمير نصب تأكيد للضّمير المرفوع أو مفعول اوّل لرأيت وإذا كانت حرفا للخطاب أو تأكيدا للضّمير المرفوع فمفعولا رأيت كانا محذوفين ، أو جملة الشّرط والجزاء قائمة مقامهما معلّقا عنها رأيت ، أو جملة غير الله تدعون معلّقا عنها وإذا كانت مفعولا اوّلا فالمفعول الثّانى محذوف أو هو جملة الشّرط والجزاء أو جملة غير الله تدعون معلّقا عنها وإذا كانت ولمّا كان الاستفهام استخبارا وكانت هذه الكلمة غير باقية على صورتها ومعناها الاصيلين صار المقصود الاستخبار من مضمون ما بعدها من غير نظر الى مضمون نفسها فكأنّه قال أخبروني (إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ) في الدّنيا أو الآخرة أو المنظور منه عذاب الدّنيا فقط لاشعار السّاعة بعذاب الآخرة (أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) فسّرت السّاعة بساعة الموت وساعة ظهور القائم عجّل الله فرجه وبساعة القيامة والكلّ صحيح إذ المقصود إتيان حالة لا يثبت فيه الخيال ويفرّ الهوى والآمال وهذه الحالة تكون في كلّ من هذه (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) يعنى لا تدعون في هذه الحال الّا الله المتعال لانّ كلّ ما سواه ممّا هو متشبّث الخيال ومعتمد الهوى والآمال ينسى ولا يبقى في تلك الحالة الّا الفطرة الانسانيّة المفطورة على دعاء الله وجواب الشّرط محذوف أو هو جملة أغير الله بحذف الفاء (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في اشراك الأصنام أو الكواكب في الآلهة والجملة معترضة وجواب الشّرط محذوف والتّقدير ان كنتم صادقين فادعوا غير الله في تلك الحال (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ) تصريح بمفهوم مخالفه قوله أغير الله تدعون (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ) يعنى ليس إجابتكم حتما (وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) يظنّ انّه كان المناسب ان يقدّم النّسيان لكنّه أخّر النّسيان وحذف مفعول تدعون للاشعار بانّ نسيان الشّركاء كان بمرتبة كأنّه نسي نسيانهم أيضا ولم يكن نسيانهم في ذكر المتكلّم وكان اهتمامهم بكشف الضرّ بحيث لم يبق في نظرهم الله الّذى يدعونه اليه (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ) تسلية للرّسول (ص) وتهديد للامّة (فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ) البأساء الدّاهية سواء كانت في الحرب أو في غيرها (وَالضَّرَّاءِ) النّقص في الأنفس والأموال ، يعنى في بدو ارسالهم ليتكسّر سورة خيالهم وقوّة اهويتهم حتّى يقبلوهم بسهولة أو بعد تكذيبهم وشدّة تعاندهم حتّى يرجعوا ويتوبوا (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) ويلتجئون الى رسلهم ، اعلم ، انّ الإنسان وقت الا من والصّحّة وسعة العيش خصوصا حين تشبّب القوى الحيوانيّة يعدّ نفسه من اعزّ الخلق ولا يعدّ غيره في شيء ، ويظنّ انّه أحسن الخلق رأيا ويفرّق نفسه على الاهوية والآمال ، فاذا ابتلى ببلاء في نفسه أو اهله أو ماله انكسر سورة انانيّته وتضرّع الى ربّه والتجأ الى من يظنّ انّه من قبل ربّه ، ولذلك كان تعالى إذا أرسل رسولا الى قوم ابتلاهم ببليّة ليلتجؤا الى الرّسل ويقبلوا منهم (فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا) اى فلو لا تضرّعوا إذ جاءهم بأسنا (وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) استدراك باعتبار المعنى يعنى لا عذر لهم حينئذ في ترك التّضرّع ولكن قست قلوبهم (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) من البأساء والضّرّاء بترك الاتّعاظ بها (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ)