أشارت الآية فتذكّر ، وقد نقل عن الصّادق (ع) وقت تكبيرة الإحرام تذكّر رسول الله (ص) واجعل واحدا من الائمّة نصب عينيك ، ولهم على مرامهم شواهد كثيرة نقليّة وعقليّة وما كان قصدنا الى بيان مقصدهم (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) من حيث شأن نبوّتك بل حسابهم على ربّهم (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) عطف على تطردهم أو جواب للنّهى كما انّ تطردهم جواب للنّفى ، يعنى انّ حساب من دخل في الولاية وطردهم وابقاءهم انّما هو على شأنك الولوىّ لا على شأنك النّبوىّ فلا تطردهم بشأنك النّبوىّ الّذى يراعى الكثرة ويربّى كلّا في مرتبته ويحفظ لكلّ ذي شأن شأنه عن ارادة شهود الرّبّ والاتّصال بوجهه ، ولا تطردهم أيضا بحسب الصّورة بشأنك الحافظ للصّورة عن مجلسك بطلب القوم طردهم فانّ شأنك النّبوىّ يستدعى ان لا تقرّب الفقراء الّذين لا شأن لهم في انظار أهل الدّنيا إليك ، وان لا تحضرهم في المجلس العامّ النّبوىّ ، وقد ذكر في شأن نزول الآية انّها نزلت في قوم من المسلمين مثل صهيب وخبّاب وبلال وعمّار وغيرهم كانوا عند رسول الله (ص) فمرّ بهم ملأ من قريش فقالوا : يا محمّد (ص) أرضيت بهؤلاء من قومك؟! أفنحن نكون تبعا لهم؟! أهؤلاء الّذين منّ الله عليهم؟! اطردهم عنك فلعلّك ان طردتهم اتّبعناك ، وقيل انّه (ص) قبل منهم ان يطردهم من عنده حين وفود القوم عليه وأراد ان يكتب لهم كتاب عهد بذلك ، فنزلت الآية ونحّى الكتاب وذكر غير ذلك في المفصّلات (وَكَذلِكَ) اى مثل ابتلاء أغنياء قومك بفقرائهم (فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا) حالا وقالا اى الّذين لا استحقاق لهم للدّين وأردنا ان نصرفهم عنك أو عن الولاية (أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا) استهزاء بهم وتنفّرا عنهم حتّى لا يرغبوا في الإسلام أو في الولاية ولا يؤذوا صاحب الدّين بتزاحمهم بالأغراض الدّنيويّة له ، فاللّام للغاية لا لمحض العاقبة كما قيل (أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) فما بالك تطردهم وما بالهم يستهزؤن ويطلبون طردهم والله تعالى يذكرهم بالشّكر الّذى هو ابتغاء وجه ربّهم ثمّ بعد نهيه عن طردهم امره بتقريبهم والتّلطّف بهم بالتحيّة عليهم وبشارتهم بالغفران والرّحمة فقال (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا) يعنى يؤمنون بالايمان الخاصّ الولوىّ فانّ من بايع عليّا (ع) بالبيعة الولويّة يؤمن بجملة الآيات وهم الّذين يدعون ربّهم في جميع الأوقات والّذين هم على صلوتهم دائمون وهم الّذين لا يبتغون في دعائهم الّا الاتّصال بملكوت ربّهم والحضور عنده ولقاء وجهه (فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) تحيّة لهم وتلطّفا بهم وقل لهم (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) بشارة لهم وتطييبا لنفوسهم وتأنيسا لهم الى ربّهم (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ) بيان لمنشأ السّوء لا تقييد له ، يعنى من عمل منكم سوء بالتّنزّل عن دار العلم الى دار الجهل وقبول حكومة الجهل فانّ الواقع لا يكون الّا هكذا (ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ) عن دار الجهل (وَأَصْلَحَ) نفسه بالدّخول في دار العلم (فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) اى يغفر له ويرحمه لانّه غفور رحيم فهو من اقامة السّبب مقام الجزاء (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) آيات الكتاب التّدوينىّ في بيان أحوال الخلق وأصنافهم وآيات الكتاب التّكوينىّ من الأولياء والأشقياء واتباعهم بآيات الكتاب التّدوينىّ لتستبين سبيل المطيعين حذفه لادّعاء ظهوره كأنّه لا حاجة له الى البيان من حيث انّه المقصود من كلّ الأحكام (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ) تنبيه على