بمحض قوله موجودة بنفس امره فكان يوم يقول : كن ؛ فيكون مختصّا بايّام الآخرة (قَوْلُهُ الْحَقُ) فاعل يكون والحقّ صفة القول أو مبتدء وخبر أو مبتدء ويوم يقول خبره والمعنى قوله الحقّ الّذى هو المشيّة فانّها جملة إضافاته الى الخلق أو قوله حقيقة ثابتة هي عين فعله وليس صوتا يقرع ولا لفظا يسمع (وَلَهُ الْمُلْكُ) الملك يطلق تارة على عالم الطّبع مقابل الملكوت والجبروت ، وتارة على ما يعمّ جملة الموجودات الّتى هي مملوكة له تعالى وهذا هو المراد هاهنا ، أو أريد الاوّل على ان يكون المراد بقوله : له الملك ؛ انّ الملك يوم ينفخ في الصّور خالص له وفي غير ذلك يظنّ انّ غيره له تصرّف فيه ولذلك وهم الثّنويّة فقالوا : انّ الظّلمة مقابلة للنّور ، أو أهرمن ليزدان ، ولكلّ منهما تصرّف في الملك (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) بدل من يوم يقول ، أو ظرف مستقرّ خبر لقوله الحقّ ، أو خبر بعد خبر لقوله ، أو لغو متعلّق بقوله ، أو بالحقّ أو بالظّرف في قوله له الملك أو بعالم الغيب ، والصّور القرن الّذى ينفخ فيه من صار بمعنى صوّت (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) كالنّتيجة للسّابق (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) قيل ليس بين النّسابين اختلاف في انّ اسم ابى إبراهيم تارخ وهو موافق لما عليه الشّيعة من انّ آباء الأنبياء (ع) مطهّرون من الشّرك وانّ آزر كان جدّه لامّه أو عمّه (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعنى مثل إرائتنا إبراهيم بطلان الأصنام وضلالة قومه أريناه ملكوت السّماوات والتّعبير بالمستقبل لإحضاره لكونه من الأمور الغريبة ، والملكوت مبالغة في المالك كالجبروت في الجابر ، والطّاغوت في الطّاغى ، ولمّا كان عالم الطّبع لا جهة مالكيّة له بل ليس فيه الّا المملوكيّة الصّرفة لم يسمّ ملكوتا بل ملكا ، وباطن عالم الطّبع من عالم المثال فما فوقه يسمّى ملكوتا لمالكيّته وتصرّفه بالنّسبة الى ما دونه ، وقد يطلق الملك على ما سوى الله وعلى المثال وعلى الرّسالة وغير ذلك باعتبار مملوكيّتها للحقّ الاوّل تعالى ، والمراد بالملكوت هاهنا عالم المثال أو هو وما فوقه ان كان المراد بالإراءة اعمّ من الكشف الصورىّ ، والمراد بالسّماوات والأرض هما الطّبيعيّان (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) اى ليأنس ويقرب منّا وليكون من الموقنين ، والقمى عن الصّادق (ع) كشط عن الأرض ومن عليها وعن السّماء ومن فيها ، والملك الّذى يحملها والعرش ومن عليه ، وهو يدلّ على انّه لم يكن كشفا صوريّا فقط (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) ستره بظلامه (رَأى كَوْكَباً) هو الزّهرة كما في الخبر (قالَ هذا رَبِّي) هذا الكلام منه يحتمل ان يكون على سبيل المماشاة مع القوم بإظهاره الدّخول في دينهم ثمّ الاستدلال بالأفول والزّوال على عدم تربيته بالاستقلال ليكون أقرب الى الدّعوة والإنصاف وابعد عن الشّغب والاعتساف ، ولا يلزم منه الكذب المحرّم لانّه كان في مقام الإصلاح ، أو قصد تربيته بنحو تربية الكواكب للمواليد بإذن الله وورّى بحيث يظنّ انّه أراد المعبود ، أو قصد الإنكار وانّه لا يصحّ ان يكون ربّا لكنّه ورّى بصورة الاخبار وكان المقدّر في نفسه الاستفهام الانكارىّ ، ويحتمل ان يكون على سبيل الاستفهام الانكارىّ للإنكار على قومه لانّهم كانوا ثلاثة أصناف : صنف يعبد الزّهرة ، وصنف يعبد القمر ، وصنف يعبد الشّمس ، فأنكر على الثّلاثة عبادتهم ، ويحتمل ان يكون على سبيل الاخبار الاحتمالىّ الّذى يصحّ لكلّ مستدلّ ان يخبر على سبيل الاحتمال عمّا أدّى اليه دليله في بادي الأمر لانّه كان في اوّل خروجه من السّرب الّذى أخفته فيه أمّه ولمّا ظهر له بعد إمعان النّظر انّ ما ادّى اليه دليله في بادي النّظر لم يكن نتيجة صحيحة أنكره وقال : ليس هذا مؤدّى الدّليل الصّحيح ، ومثل