بيان لحال الشّركاء لا انّه قيد للاشراك أو تقييد للاشراك باعتبار انّ الشّخص ما لم يخرج من بيت نفسه وسجن طبعه لا يمكنه الخروج عن الشّرك بل ليس طاعته وتبعيّته للأنبياء والأولياء الّا الإشراك بالله ورؤية الثّانى له لكن هذا الإشراك ممّا نزّل الله به سلطانا وحجّة وهو طريق الى التّوحيد ومجاز وقنطرة الى الحقيقة وقد سبق تحقيق ذلك (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) نبّه على غباوتهم بانّ من له علم يميّز بين الأمن وغيره ، وعدم تميز هم لعدم شعورهم (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ) كرّر المسند اليه باسم الاشارة البعيدة إحضارا لهم في الذّهن واشعارا بعظم شأنهم وتأكيدا للحكم وتمييزا لهم بحصر الأمن والاهتداء فيهم (لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) عن أمير المؤمنين (ع) انّه من تمام قول إبراهيم (ع) ويحتمل بحسب اللّفظ ان يكون مستأنفا من الله ، ونقل عن رسول الله (ص) انّ المراد بالظّلم ما قاله العبد الصّالح يا بنىّ لا تشرك بالله انّ الشّرك لظلم عظيم ويستفاد من هذا الخبر انّ المراد بالايمان الايمان الخاصّ الولوىّ الحاصل بالبيعة الخاصّة وقبول الدّعوة الباطنة وانّ تنكير الظّلم للتّفخيم ، والنّفى وارد على تفخيمه وليس من قبيل النّكرة في سياق النّفى ليفيد العموم (وَتِلْكَ) الّتى ذكرناها من استدلال إبراهيم (ع) بالزّوال والدّثور وعدم القدرة والشّعور على بطلان معبوداتهم وبعكسها على حقّيّة معبوده (حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) ألهمناها باستعداده وقوّة نفسه وقدسه (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) ولمّا توهّم انّه يرفع درجات من يشاء سواء كان باستحقاق أو بعدم استحقاق رفع ذلك الوهم حتّى يتنزّه عن ارادة جزافيّة غير مسبوقة بحكمة ومصلحة بقوله (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ) لا يفعل الّا عن حكمة وإتقان للفعل (عَلِيمٌ) بقدر استحقاق كلّ وكيفيّته وما يقتضيه (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) تعظيم له ببيان ما منّ به عليه (كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ) عن الباقر (ع) في بيان اتّصال الوصيّة من لدن آدم (ع) الى زمانه (ع) هديناهم لنجعل الوصيّة في أهل بيتهم ، وفيه اشعار بانّ هدايتهم امتنان من الله على محمّد (ص) وأهل بيته لانّهم آباؤهم كما أولاد آبائهم كما انّ هداية نوح (ع) امتنان من الله على إبراهيم (ع) لكونه جدّه (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) عطف على إبراهيم والتّقدير تلك حجّتنا آتيناها إبراهيم (ع) وآتيناها بعضا من ذرّيّته أو عطف على اسحق أو يعقوب ، أو عطف على نوحا ، أو عطف على وهبنا ، أو هدينا ، بتقدير أرسلنا وهذا على ان يكون من التّبعيضيّة واقعا موقع الاسم الخالص لقوّة معنى البعضيّة فيها ويكون داود وسليمان (الى الآخر) بدلا تفصيليّا والّا فهو حال من داود وسليمان ويجرى حينئذ في داود وسليمان الوجوه المذكورة في عطف من ذرّيّته والضّمير المضاف اليه لإبراهيم أو لإسحاق أو ليعقوب ، وعلى هذا كان المعدودون في الآية الثّالثة عطفا على نوحا لانّ لوطا ليس من ذرّيّة إبراهيم (ع) وكذلك من ذكر في الآية الثّانيّة على ان يكون الياس هو إدريس جدّ نوح (ع) وعلى هذا لو كان الضّمير لنوح (ع) لم يكن من في الآية الثّانية عطفا على داود ، ويحتمل ان يكون الضّمير لنوح (ع) لانّه أقرب والامتنان بهداية ذرّيّته على إبراهيم (ع) لانّ أكثرهم كانوا ذرّيّة إبراهيم (ع) ومن لم يكن ذرّيّة كان ذرّيّة آبائه (داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ) بن اموص من أسباط عيصا بن إسحاق كذا قيل (وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ) لم يراع في ذكر الأنبياء التّرتيب الوجودىّ ولا التّرتيب الشّر فيّ (وَكَذلِكَ) الجزاء الّذى جزينا إبراهيم (ع) من إيتاء الحجّة ورفع الدّرجات وجعل الأنبياء من ذرّيّته ومن