فروع آبائه وهداية كثير من آبائه وذرّيّاته (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) يعنى انّ جزاءنا إبراهيم (ع) بما جزينا انّما هو لكونه محسنا فكلّ من اتّصف بصفة الإحسان نجزيه مثله (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ) قيل : هو إدريس ؛ وقيل : هو من أسباط هرون أخي موسى (ع) (كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) استيناف واشارة الى استعدادهم واستحقاقهم وانّ هداية الله منوطة بالاستعداد من قبل القابل لا انّ له ارادة جزافيّة (وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ) بن اخطوب علم أعجميّ ادخل عليه اللّام كما يدخل في بعض الاعلام (وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) في زمانهم (وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ) عطف على كلّا أو نوحا وجعلت من التّبعيضيّة لقوّة معنى البعض فيها موقع الاسم (وَاجْتَبَيْناهُمْ) عطف على فضّلنا أو هدينا (وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) تكرار هديناهم لتعيين المهدىّ اليه ، أو المراد بالاوّل الاراءة وبالثّانى الإيصال أو الاوّل هداية طريق النّبوّة والثّانى هداية طريق الولاية والصّراط المستقيم قد يراد به الولاية مطلقا سواء كانت قبولا أم تحقّقا ، وقد يراد به الولاية الجامعة بين الكثرة والوحدة والجمع والفرق وهو المراد هاهنا والأصل في الكلّ ولاية علىّ (ع) وهي متّحدة مع علىّ (ع) ولذلك فسّر قوله تعالى (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) بشيعة علىّ (ع) مع رجوع الضّمير ظاهرا الى نوح (ع) (ذلِكَ) المذكور من الهداية الى الصّراط المستقيم الجامع بين طرفي الكثرة والوحدة (هُدَى اللهِ) واسم الاشارة البعيدة واضافة الهدى الى الله اشعارا بتعظيمه أو ذلك الّذى هؤلاء الأنبياء عليه هدى الله لا هدى غير الله (يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا) اى هؤلاء مع علوّ شأنهم (لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) فيزول بسببه ما تفضّلنا به عليهم فكيف بكم ان تشركوا بولاية علىّ (ع) (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) قد يراد به النّبوّة فانّها انتقاش القلب بالاحكام الالهيّة وقد يراد به الرّسالة فانّها انتقاش الصّدر بالاحكام الالهيّة والكتاب التّدوينىّ صورة ذلك والمراد به هنا المعنى الثّانى (وَالْحُكْمَ) بمعنى الحكمة الّتى هي الدّقّة في العلم والكتاب للاتقان في العمل وهي مسبّبة عن الولاية والمراد بها هنا الولاية (وَالنُّبُوَّةَ) يعنى انّا تفضّلنا عليهم بالمراتب الثّلاث الّتى لا كمال أتمّ منها (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها) اى بالمراتب الثّلاث (هؤُلاءِ) يعنى انّهم مقرّون بالمذكورين فان كان إقرارهم لأجل اتّصافهم بتلك المراتب فينبغي ان يقرّوا بك أيضا لاتّصافك بها ، وان كان إقرارهم لاشخاصهم البشريّة مع كفرهم بتلك المراتب ولذا كفروا بك فلا يضرّونها شيئا (فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) وهم أهل بيت محمّد (ص) واتباعهم وقد قيل : انّهم أبناء الفرس (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) الهاء للسّكت ، امره تعالى مع كمال مرتبته وجلالة قدره بالاقتداء تعظيما لشأن الاقتداء وترغيبا للامّة عليه فانّه لا يمكن خروج نفس من ظلمات اهويتها ومضيق سجنها الّا بالاقتداء والارادة الّتى هي التّولّى وقبول الولاية والانقياد لولىّ الأمر ولذلك ورد : لو انّ عبدا عبد الله تحت الميزاب سبعين خريفا قائما ليله صائما نهاره ولم يكن له ولاية ولىّ امره (وفي خبر) ولاية علىّ بن ابى طالب لاكبّه الله على منخريه في النّار ، ونقل عن الصّادق (ع): لا طريق للأكياس من المؤمنين أسلم من الاقتداء لانّه المنهج الأوضح والمقصد الاصحّ ، قال الله تعالى لا عزّ خلقه محمّد (ص): (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ، فلو كان لدين الله مسلك أقوم من الاقتداء