لندب أولياءه وأنبياءه اليه ، ويجوز ان يكون الخطاب عامّا لكلّ من يتأتّى منه الخطاب (قُلْ) لهؤلاء الكافرين برسالتك (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) اى على التّبليغ (أَجْراً) حتّى يثقل عليكم فتكفروا برسالتي (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى) عظة (لِلْعالَمِينَ) فمن شاء اتّعظ ومن شاء كفر لكنّهم لا يتّعظون وجهلوا الله وقيّوميّته (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) حتّى يعلموا سعة رحمته وكمال حكمته ورأفته بخلقه وانّ الرّسالة غاية لطف منه بالخلق (إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) وأنكروا لطفه وحكمته في إرسال الرّسول (قُلْ) لهم نقضا عليهم (مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ) تجزّئونه (تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً) يعنى انّهم يبدون ما لا يظهر فيه رسالتك ويخفون ما فيه رسالتك ، وكذا يبدون ما يوافق اهويتهم ويخفون ما لا يوافقها ، وهو تعريض بأمّته (ص) حيث يبدون بعده من الكتاب ما يوافق أهويتهم ويخفون ما لا يوافقها (وَعُلِّمْتُمْ) بذلك الكتاب (ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) من احكام الشّرع وآداب المعاش والمعاد (قُلِ اللهُ) ان لم يجيبوا لك وبهتوا لانّهم لا جواب لهم سواه ، ويحتمل ان يكون هذا مستأنفا غير مرتبط بالسّؤال ويكون المقصود امره (ص) بالمداومة على ذكر الله حالا وقالا والاعراض عنهم (ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ) في ظلمات اهويتهم ولجج آمالهم بحيث لم يتمكّنوا من تصديقك وداموا على تكذيبك (يَلْعَبُونَ وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ) مثل كتاب موسى (ع) (مُبارَكٌ) جعل فيه البركة لمن تعلّمه وعمل به ودام على قراءته (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب الّتى قبله لتذكّر به (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) مكّة والصّدر وصاحب الصّدر (وَمَنْ حَوْلَها) من أهل الشّرق والغرب في الصّغير والكبير ولمّا كان المراد بمن حولها من سكن الدّنيا بالنّسبة الى الملكوتين السّفلى والعليا صحّ تفسيره بمن في الأرض (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) اى مذعنون بها (يُؤْمِنُونَ بِهِ) يعنى يذعنون بالكتاب وانّه من الله وحقّ وصدق لانّه صورة الآخرة ومن أذعن بالآخرة اشتاق إليها ، ومن اشتاق إليها أذعن وصدّق بكلّ ما فيه ذكرها ، وليس في الكتاب الّا ذكرها ، ومن أذعن بالآخرة والكتاب آمن بعلىّ (ع) لانّ الآخرة والكتاب صورتا علىّ (ع) كما انّ بشريّته صورته ، ومن آمن به صار مصلّيا حقيقة ومن صار مصلّيا حقيقة شغله لّذة الصّلوة عن كلّ لّذة فهم لا يفارقونها (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) اضافه الصّلوة إليهم للاشارة الى انّه كان لكلّ صلوة مخصوصة هي روح صلوتهم القالبيّة المشتركة بين الكلّ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) نزول الآية مشهور وفي التّفاسير مسطور ، من انّها في عبد الله بن ابى سرح وانّه قدم المدينة وأسلم وكان له خطّ حسن وكان إذا نزل الوحي على رسول الله (ص) دعاه فيكتب ما يمليه رسول الله (ص) وكان يبدّل الكلمة مكان كلمة بمعناها وكان رسول الله (ص) يقول هو واحد فارتدّ كافرا ولحقّ بمكّة وهدر رسول الله (ص) يوم فتح مكّة دمه وعثمان التمس العفو منه (ص) فصار من الطّلقاء ، لكن المقصود والتّأويل في أعداء علىّ (ع) حيث ادّعوا الخلافة لأنفسهم ويجرى في من نصب نفسه للمحاكمة بين الخلق أو للفتيا وبيان أحكامهم من غير نصّ واجازة من الرّسول (ص) بلا واسطة أو بواسطة ، فانّ حكم مثله وفتياه افتراء على الله ولو أصاب الحقّ فقد أخطأ وليتّبوأ