مقعده من النّار وليست الاجازة الالهيّة باقلّ من الاجازة الشّيطانيّة الّتى عليها مدار تأثيرات مناطرهم ونفخاتهم ولذلك ورد عنهم (ع): هذا مجلس لا يجلس فيه الّا نبىّ أو وصىّ أو شقىّ ، اشارة الى مجلس القضاء وليس الوصىّ الّا من نصّ المنصوص عليه على وصايته ، وكانت سلسلة الاجازة بين الفقهاء كثّر الله أمثالهم والعرفاء رضوان الله عليهم مضبوطة محفوظة وكان لهم كثير اهتمام بالإجازة وحفظها ، حتّى انّهم كانوا لا يتكلّمون بشيء من الأحكام ولا يحكمون على أحد بل لا يقرءون شيئا من الادعية والأوراد من غير اجازة ، وقد نقل العيّاشى عن الباقر (ع) في تفسير الآية انّه قال : من ادّعى الامامة دون الامام (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ) للإمام أو لأنفسهم بالافتراء على الله بقرينة ما يأتى من قوله (بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِ) ، اشارة الى الافتراء وبقرينة (كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) اشارة الى الانحراف عن الأوصياء والظّلم لهم ، فالمعنى لو ترى إذا الظّالمون للإمام أو لاتباعه أو لأنفسهم أو للخلق بادّعاء الامامة أو الحكومة بين النّاس والفتيا لهم من غير اجازة (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) وشدائدها الّتى تغمر عقولهم وتدهشهم بحيث يغشى عليهم (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) لقبض أرواحهم قائلين (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) غيظا عليهم (الْيَوْمَ) متعلّق باخرجوا أو بتجزون والجملة جزؤ مقول الملائكة أو استيناف من الله كأنّه صرف الخطاب عن الرّسول (ص) وخاطبهم بنفسه وقال اليوم (تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) فالويل لمن اعرض عن المنصوصين وادّعى الرّأى والفتيا لنفسه من غير نصّ من المنصوصين (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) هو أيضا امّا جزء قول الملائكة أو من قول الله سواء جعل الجملة الاولى من الله أو من الملائكة ، والمراد بالفرادى الفرادى عن كلّ ما يظنّ انّه له من العيال والأموال ومن القوى والفعليّات وعن كلّ ما يظنّ انّه شفيعه عند الله ممّا جعله شركاء الله أو شركاء خلفائه (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فرادى عن كلّ ذلك وهذا يدلّ على ما قاله العرفاء من تجدّد الأمثال فانّه يدلّ على تعدّد الخلق (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) في الدّنيا من الأموال والعيال والقوى والفعليّات (وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ) من الأصنام والكواكب وغيرها من المعبودات الباطلة وممّن ادّعى الخلافة من دون اذن واجازة وممّن ادّعى الرّياسة والحكومة والفتيا من غير اجازة (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ) لله أو لعلىّ (ع) (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) اى وصلكم على قراءة الرّفع والبين من الاضداد وعلى قراءة النّصب فالفاعل مضمر والبين ظرف (وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) انّهم شركاء الولاية والخلافة أو شركاء الله عن الصّادق (ع): نزلت هذه الآية في بنى أميّة وشركاؤهم ائمّتهم ثمّ لمّا ذكر حال المنحرفين وظلمهم وعقوبتهم ذكر كيفيّة تدبيره للعالم وآيات قدرته وعلمه ليكون كالعلّة للزوم كون الخلافة من الله المشار اليه بقوله (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ) (الآية) وحجّة على المنحرفين عنها فقال (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) بالنّجم والشّجر أو الإسلام من طينة طيّبة والايمان من الإسلام والكفر من طينة خبيثة أو الصّدر المنشرح بالإسلام من طينة طيّبة والقلب من ذلك الصّدر والمنشرح بالكفر من طينة خبيثة ، أو طينة المؤمن ممّا يطرؤ عليها من السّجّين وطينة الكافر ممّا يعرضها من العلّيّين ، أو العلم من العلماء والجهل من الجهلاء ، أو النّور من المستنير والظّلمة من المظلم فانّ الكلّ يسمّى حبّا ونوى باعتبار محبوبيّته وبعده من الخير كما أشير اليه في الاخبار (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ)