للإسلام وبعض ضيّقا (صِراطُ رَبِّكَ) سنّة ربّك (مُسْتَقِيماً) غير منحرف في الإرادتين عن ميزان الاستعدادين فانّ الإرادتين بقدر استعدادهما واستحقاقهما ، أو هذا الّذى أنت عليه من الولاية الّتى هي روح نبوّتك ورسالتك صراط ربّك مستقيما فانّه لا افراط فيها ولا تفريط (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) التّدوينيّة في بيان الآيات التّكوينيّة الواردة في صدور النّاس بحسب استعداداتهم المختلفة أو الآيات التّكوينيّة مطلقة بالآيات التّدوينيّة (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) يتذكّرون إشارة إلى انّ الّذاكر باللّسان فقط لا يتنبّه لتلك الآيات بل الّذاكر باللّسان والرّاجع الى الجنان يتنبّه لها فانّ الإنسان ما لم يرجع الى باطنه ولم ينظر ببصيرته الى حالاته الواردة عليه لا يميّز بين ضيق الصّدر وشرحه أو بين مطلق الآيات العلويّة والسّفليّة ، والرّاجع الى نفسه يميّز بين الواردات فيتوب عمّا يؤذيه وينيب الى ما ينفعه فيكون (لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ) اى دار السّلامة عن الآفات أو دار الله الّتى أعطاها ايّاهم (وَهُوَ وَلِيُّهُمْ) لما انقطعوا عن غيره وتوسّلوا به (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الفرار عمّا يبّعدهم والعمل بما يقرّبهم (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) بتقدير اذكر أو ذكّر أو نقول والضّمير للثّقلين (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) استكثره الماء أراد منه ماء كثيرا واستكثر من الشّيء رغب في الكثير منه والمعنى طلبتم كثيرا منهم أو رغبتم في الكثير منهم فجعلتموهم من سنخكم أو اتباعكم (وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ) استمتاع الانس من الجنّ باتّباعهم في الالتذاذ بالشّهوات واستمتاع الجنّ من الانس بحصول مرادهم منهم من اغوائهم وتمكّنهم منهم في الأمر والنّهى قالوها تحسّرا واعترافا (بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا) من القيامة أو من أمد الحياة (قالَ) الله لهم (النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ) قبل دخول النّار حتّى لا ينافي مادّة العامل في الاستثناء أو الّا ما شاء لمن يشاء بناء على خروج بعض من النّار ، وبعض من قال بانقطاع العذاب لكلّ أحد تمسّك بأمثال هذه الآية من النّقليّات بعد التّوسّل بالعقليّات (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ) في عقوبة المعاقب لا يظلم أحدا (عَلِيمٌ) بقدر استحقاقه (وَكَذلِكَ) مثل ما نولّى بعض الانس بعض الجنّ في الدّنيا أو في القيامة (نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) بالسّنخيّة الّتى يكسبونها بأعمالهم السّيّئة اى نصرف وجوه بعض الى بعض ونتركهم ونصرف وجوههم عن أوليائي ، أو المعنى نولّى بعض الظّالمين بعضا للانتقام منهم كما أشير اليه في الخبر (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) بتقدير القول حالا أو مستأنفا (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) من وجودكم في عالمكم الصّغير أو من سنخكم في العالم الكبير وهو توبيخ لهم ، وقد ورد انّ الله قد بعث من الجنّ رسولا إليهم ، ورسالة رسولنا (ص) كان الى الانس والجنّ كما ورد في الاخبار (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا) اعترافا بتقصيرهم (شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا) لمّا لم يجدوا مفرّا اقرّوا (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) عطف على قالوا (ذلِكَ) اى إرسال الرّسل وقصّ الآيات والإنذار من يوم القيامة (أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ) منه من دون إتمام الحجّة أو بظلمهم لأنفسهم أو لغيرهم (وَأَهْلُها غافِلُونَ) غير متذكّرين لثواب وعقاب (وَلِكُلٍ) من افراد الجنّ والانس محسنا كان أو مسيئا أو من