الجنين الّذى يخرجونه من بطون الانعام المفصّلة السّابقة حيّا على النّساء فاذا كان ميتا يأكله الرّجال والنّساء على السّواء ، وقيل : المراد بما في بطونها ألبانها ، وقيل : المراد الألبان والاجنّة كلتاهما (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ) اى جزاء وصفهم هذا أو نفس وصفهم على تجسّم الأعمال (إِنَّهُ حَكِيمٌ) يعطى حقّ كلّ ذي حقّ من الخير والشّرّ (عَلِيمٌ) بمقادير استحقاقاتهم (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ) تصريح بخسرانهم وضلالهم بعد التّلويح تأكيدا وتفضيحا ، قيل : كانوا يقتلون الأولاد للأصنام ويقتلون بناتهم مخافة العار والسبي والعيلة (سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) بانّ الله رازق لأولادهم وانّه خالقهم لمصلحة النّظام (وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ) من الانعام السّالفة على أنفسهم أو على غيرهم من النّساء أو حرّموا ما رزقهم الله من الأولاد فانّهم نعمة أيضا رزقهم الله (افْتِراءً عَلَى اللهِ) صرّح هنا بالافتراء تأكيدا لما سلف (قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) الى امر الحقّ تعالى وابتغاء رضاه (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ) مشتملات على الأشجار المثمرة من الكروم وغيرها (مَعْرُوشاتٍ) مرفوعات على أصولها كالأشجار الّتى لها أصول أو على ما يحملها كالكروم الّتى تحمل على غيرها (وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) كالّتى تلقى على وجه الأرض من الكروم (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ) أكل ذلك المذكور من الاثمار والحبوب والبقول في الشّكل واللّون والطّعم والرّائحة والنّوع والجنس مع اتّفاقها في الأرض والماء (وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً) في المذكورات (وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) قائلا (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) على ألسنة الأنبياء (ع) والأولياء (ع) ترخيصا لكم في التّصرّف قبل إخراج حقوقه أو قائلا بلسان الحال حيث أباحه لكم (إِذا أَثْمَرَ) والمراد بالثّمر مطلق ما يحصل منها من المنافع حتّى يدخل فيه ثمر الزّرع (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) اى حقّه المفروض بناء على وجوب الأداء اوّل وقت الإمكان أو حقّه المسنون من التّصدّقات على السّائلين وهكذا فسّرت في الاخبار ، فعن الصّادق : (ع) في الزّرع حقّان حقّ تؤخذ به وحقّ تعطيه ، امّا الّذى تؤخذ به فالعشر ونصف العشر ، وامّا الّذى تعطيه فقول الله تعالى عزوجل : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) فالضّغث تعطيه ثمّ الضّغث حتّى تفرغ ويؤيّد كون المراد هو الحقّ المسنون قوله تعالى (وَلا تُسْرِفُوا) فانّ المفروض لا يتصوّر السّرف فيه بخلاف المسنون (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) عن الرّضا (ع) انّه سئل عن هذه الآية فقال كان ابى يقول : من الإسراف في الحصاد والجذاذ ان يتصدّق الرّجل بكيفيّة جميعا ، وكان ابى إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه يتصدّق بكفيّه صاح به : أعط بيد واحدة (وَ) انشأ (مِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً) ما يحمل الأثقال (وَفَرْشاً) من شعرها وصوفها ووبرها قائلا (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) من لحومها وألبانها ولا تحرّموا شيئا ممّا أباحه الله لكم منها (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) بالإسراف فيما أباحه الله لكم والتّجاوز الى تحريم ما احلّه الله وتحليل ما حرّمه منها وقد سبق في سورة البقرة تحقيق وتفصيل لخطوات الشّيطان والآية تكون كسابقها اشارة الى التّوسّط بين الإفراط والتّفريط (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ) الاهلىّ والوحشىّ (وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) كذلك (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ) من الجنسين (حَرَّمَ) الله (أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) من الجنسين (أَمَّا