اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) اى الجنين من الجنسين ذكرا كان أو أنثى (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ) لا بظنّ وهوى وخديعة من النّفس أو بما به يحصل العلم بانّ الله حرّم شيئا من ذلك أو بأمر معلوم مقطوع به لكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعويكم حرمة شيء من ذلك (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ) العراب والبخاتي (وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ) الاهلىّ والوحشىّ (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ) والمقصود انكار تحريم شيء منها وإلزامهم انّ قولهم بحرمة الذكّور منها تارة والإناث اخرى والاجنّة اخرى كما سبق ليس عن علم وحجّة بل محض تخمين وظنّ من أنفسهم (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) حاضرين (إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا) يعنى أمثال ذلك امّا ان يعلم ببرهان فيمكن أعلام الغير بذلك البرهان ، أو يعلم بشهود وسماع حتّى يكون عن علم وان لم يكن أعلام الغير به ، ولمّا لم يكن لكم برهان ولا شهود لم يكن حكمكم هذا الّا محض افتراء على الله فلفظة أم وان كانت منقطعة لكنّها معادلة لقوله نبّئونى بعلم باعتبار المعنى يعنى الكم برهان أم كنتم شهداء (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) تقريع على ما تقدّم باعتبار ثبوت الافتراء أو جزاء لشرط مقدّر بهذا الاعتبار ، يعنى إذا لم يكن لكم برهان وعلم كما دلّ عليه (نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ) ولم تكونوا شهداء كما دلّ عليه قوله (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) فأنتم مفترون ولا أظلم (مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ) فهو اشارة الى نتيجة قياس مستفاد من سابقه والى قياس أخر منتج اى أنتم لا علم لكم ولا شهود ، وكلّ من لا علم له ولا شهود في قوله فهو مفتر ، وكلّ مفتر لا أظلم منه فأنتم لا أظلم منكم (لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وهذا الّذى ذكر من تفسير الأزواج بما ذكر هو الّذى ورد في الاخبار ولمّا امر الله تعالى نبيّه (ص) بالسّؤال عن حرمة شيء من الأزواج وعن البرهان عليها أو الشّهود بها امره ان يجيب ، بانّ طريق العلم امّا برهان أو شهود وهما منتفيان عنكم كما سبق وامّا وحي بتوسّط سفراء الله وملائكته أو تقليد لصاحب الوحي وأنتم اهله وانا أهل ذلك الوحي ومدّع له ، لا أنتم لعدم ادّعائكم ذلك واعترافكم بانّكم لستم أهلا للوحى فقال (قُلْ) لهم (لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) من هذه الأزواج كما تزعمون انّ بعضها محرّم على بعض كما سبق (عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) وبهذا التّفسير يندفع عن هذه الآية الاشكال بانّ المحرّمات كثيرة وما ذكر هنا اقلّ قليل منها ، وامّا ما ذكر في البقرة فقد سبق هناك ما يندفع به الاشكال عن الآيتين (إِلَّا أَنْ يَكُونَ) اى الّا في حال ان يكون الطّعام (مَيْتَةً) خرج عنها مقتول الكلاب المعلّمة والمقتول بآلة الصّيد على ما فصّل في الفقه لانّه في حكم المذبوح (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) مصبوبا لا البقيّة الّتى تبقى في لحوم الّذبائح وهو مجمل تفصيله موكول الى بيانهم وقد فصّل في الفقه (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) بيّن وجه الحرمة فيه لانّ كونه رجسا مخفىّ على آكليه بخلاف سابقيه أو الضّمير راجع الى المجموع باعتبار المذكور (أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) سمّى المذبوح للأصنام فسقا مبالغة وقوله اهلّ لغير الله به بيان لعلة كونه فسقا (فَمَنِ اضْطُرَّ) الى أكل شيء من ذلك (غَيْرَ باغٍ) على الامام (وَلا عادٍ) حدّ الرخصة وقد مضى في سورة البقرة تفصيل لهذه الآية (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لا يؤاخذه ويرحمه بترخصه في الاكل حفظا لنفسه (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) من الدّوابّ والطّيور ذكر التّحريم على اليهود بطريق