سورة الأعراف
مكّيّة وروى انّها مكّيّة غير قوله : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ) (الى قوله) (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(المص) قد مضى في اوّل البقرة ، انّه في حال المحو والغشي وانقلاب الدّنيا الى الآخرة يرى الإنسان ويشاهد من الحقائق فيعبّر له عمّا يشاهده بالحروف المقطّعة ويفهم من تلك ما يشاهد من الحقائق ، ثمّ بعد الافاقة لا يمكنه إلقاء تلك الحقائق على الغير وأفهامها ايّاه فضلا عن التعبير عنها بتلك الحروف وأفهامها بها ، وإذا القى تلك الحروف على غيره مشيرا الى تلك الحقائق لا يمكن له تفسيرها الّا بما يناسبها كالمنامات وتعبيراتها ، فانّ المناسبات الّتى تذكر للغير كالمناسبات الّتى يراها النّائم من الحقائق في المنام ، فانّ حال الخلق بالنّسبة الى الحقائق كحال النّائم بالنّسبة إليها من غير فرق ، لانّ الخلق نائمون عن الحقائق ولذلك اختلف الاخبار في تفاسيرها وتحيّر الخلق في فهمها والتّعبير عنها وقد ذكر في تفسيرها وجوه عديدة متخالفة متناسبة في الاخبار والتّفاسير ؛ والكلّ راجع الى ما ذكرنا من التّعبير عن تلك الحقائق بما يناسبها وتفسيرها بحسب صورة تلك الحروف من حيث الخواصّ والاعداد والفوائد المترتّبة عليها والإشارات المستنبطة منها ، كقيام قائم من ولد هاشم عند انقضاء مدّة مقطّعات اوّل كلّ سورة منها ، وانقضاء ملك بنى أميّة عند انقضاء المص كما ورد في الاخبار لا ينافي ما ذكرنا ، فانّها ممّا يستنبط من اعتبار حروفها ولا ينافي ذلك اعتبار حقائقها (كِتابٌ) قد عرفت الفرق بين الكتاب والكلام وانّ العالم بوجه كتابه وبوجه كلامه تعالى ، وانّ الإنسان مختصر من هذا الكتاب ، والقرآن ظهوره بصورة الحروف والأصوات ونزوله في لباس النّقوش والكتاب ترحّما على العباد ، فانّ الإنسان لمّا تنزّل الى مقام التّجسّم واحتاج في إدراكه الى مدارك الحيوان أنعم الله عليه بتنزيل تلك الحقائق في صورة الحروف والعبارة ، أو النّقوش والكتابة لتناسب مداركه النّازلة ونعم ما قيل :
چون نهاد آن آب وگل بر سر كلاه |
|
گشت آن أسماء جانى روسياه |
كه نقاب حرف دم در خود كشيد |
|
تا شود بر آب وگل معنى پديد |
وانّ الرّسالة والنّبوّة ليست الّا التّحقّق بحقائق العالم فهما أيضا مراتب العالم وقد عرفت أيضا انّ الكلّ ظهور الولاية الّتى هي فعل الحقّ وتجلّيه الفعلىّ وانّها مبدء الكلّ وصورته وغايته ، فان كانت فواتح