جهة يعرف بها كلّ من عليها غيره من أهل الملك والملكوتين وكانت سبيل معرفة الله لغير من عليها صحّ قولهم (ع): نحن على الأعراف ، نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الّذين لا يعرف الله عزوجل الّا بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يوقفنا الله عزوجل يوم القيامة على الصّراط فلا يدخل الجنّة الّا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النّار الّا من أنكرنا وأنكرناه ، ولمّا كان المراد بالاعراف اعالى البرزخ صحّ تفسير أصحاب الأعراف بالّذين هم أصحاب البرزخ من الّذين استوت حسناتهم وسيّئاتهم ، فانّهم أصحاب البرزخ وكون صحابتهم للاعراف غير كون صحابة الّذين على الأعراف فانّهم مالكون للاعراف بوجه ومتحقّقون بها بوجه ، بخلاف الّذين استوت حسناتهم وسيّئاتهم فانّهم (ع) واقفون في البرزخ وتحت الأعراف للحساب (يَعْرِفُونَ كُلًّا) من أهل الجنّة والنّار (بِسِيماهُمْ) بالعلامة الّتى هي على ظواهرهم من سرائرهم ، فالضّمير راجع الى كلّا لا الى الرّجال (وَنادَوْا) الضّمير راجع الى أصحاب الأعراف من شيعة علىّ (ع) الّذين استوت حسناتهم وسيّئاتهم كأنّهم ذكروا بالالتزام ذكر الأعراف (أَصْحابَ الْجَنَّةِ) الّذين تجاوزوا البرزخ وصحبوا الجنّة (أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) تحيّة لهم ورجاء للوصول إليهم (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) الدّخول (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ) كان أبصارهم وانظارهم بالاصالة الى أصحاب الجنّة (قالُوا) تعوّذا والتجاء الى علىّ (ع) (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ) الّذين هم على الأعراف (رِجالاً) من أهل النّار (يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ) يعنى ما اغنى الله عن عذابكم هذا بحسب مفهومه اللّغوىّ والمقصود ما دفع عنكم العذاب (جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) ما موصولة أو مصدريّة (أَهؤُلاءِ) اشارة الى أصحابهم الّذين معهم في الأعراف الّذين يطمعون دخول الجنّة ولم يدخلوها بعد لاختلاطهم السّيّئات بالحسنات (الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ) في الدّنيا (لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) قالوها تقريعا وشماتة ثمّ صرفوا الخطاب عن أصحاب النّار الى أصحابهم الّذين معهم في الأعراف وقالوا لهم في حال شهود أصحاب النّار لازدياد تحسّرهم (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) وبما ذكرنا يمكن الجمع بين جميع ما ورد في الاخبار في بيان الأعراف وأصحاب الأعراف وكيفيّة وقوفهم على الأعراف مع كثرتها واختلافها (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ) لانّ الحجاب الّذى بينهما مانع من الوصول لا من الرّؤية إذا شاء الله (أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) السّاترين وجهة القلب الّتى هي الطّريق الى الله (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ) الّذى أخذوها من صاحب الدّين اى الإسلام الّذى أخذوها من النّبىّ (ص) بالبيعة والميثاق أو صورة الإسلام الّتى انتحلوها من دون أخذها من صاحبها والوقوف على شرائعها (لَهْواً وَلَعِباً) غير مغيى بغاية أو مغيى بغاية خياليّة نفسانيّة راجعة الى دنياهم لانّهم سدّوا الطّريق الى الله وأبطلوا استعداد سيرهم بواسطة الإسلام الى الطّريق فلا غاية لاسلامهم أو لنحلتهم الإسلام سوى ما تصوّروه من الغاياب الرّاجعة الى الدّنيا ولذا قال تعالى (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) تعليلا لاخذ دينهم لهوا ولعبا (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) يعنى لا نلتفت إليهم وهذا على طريقة مخاطباتهم حيث يقولون نسينا فلان يعنى لا يلتفت