لصحّة النّسبة الرّوحانيّة ما تبتنى عليه ومن لم تكن نسبته مبتنية على ما اسّسه كان لغيّة ولا اعتبار بنسبته ، لا يقال : على هذا يلزم ان يكون من انتسب الى الأنبياء (ع) من غير الابتناء على ما اسّسه الله تعالى لغيّة نعوذ بالله من هذا القول ، لانّا نقول : الانتساب إليهم (ع) من غير الابتناء على ما به الانتساب محال ، لانّ من لم يكن له امام من الله يأتمّ به وانتحل الانتساب إليهم كان داخل النّسب وكان الايتمار بشريعتهم نحلة لا ملّة ولذا ورد في الاخبار المعصوميّة : من أصبح من هذه الامّة لا امام له من الله ظاهر عادل أصبح ضاّلا تائها ، وان مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق أعاذنا الله ، وبهذا المضمون منهم روايات كثيرة وكما انّ داخل النّسب في النّسبة الجسمانيّة ملعون كذلك من لم تكن نسبته الى من انتسب اليه بحسب الرّوحانيّة مبتنية على ما يصححّها كان داخل النّسب وكان ملعونا ونسبة اللغيّة الى اللغيّة ونسبة داخل النّسب الى داخل النّسب كنسبة الرّوح الى الجسد (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) ايّها المأمورون بالتّقوى ومراعاة الأرحام وحفظ اموال الأيتام فيطّلع على خيانتكم سرّا وعلانية (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) بعد الحفظ وانس الرّشد منهم (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ) الرّدىّ من أموالكم (بِالطَّيِّبِ) الجيّد من أموالهم أو الحرام من أموالهم بالحلال المقدّر لكم فانّ من ارتزق بالحرام حرم المقدّر له من الحلال لكنّ الاوّل هو المراد لانّ قوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) يفيد الثّانى.
اعلم انّ اليتيم كالرّحم روحانىّ وجسمانىّ فالجسمانيّ من انقطع في صغره عن أبيه الجسمانىّ ، والرّوحانىّ من انقطع عن إمامه الّذى هو أبوه الرّوحانىّ كما ورد تصريحا واشارة واليتيم عن الامام امّا بغيبته عن شهود حسّه بموت وغيره أو بغيبته عن شهود بصيرته بعدم استعداد الحضور وعدم حصول الفكر الّذى هو مصطلح الصّوفيّة ، فانّ من لم يتمثّل مثال الشّيخ في صدره ولم يشاهد صورته المثاليّة بعين بصيرته كان منقطعا عن إمامه وحقّه الخدمة والمواساة والمحبّة والنّصيحة الّتى يعطون الميثاق عليها ؛ هذا هو اليتيم الرّوحانىّ في العالم الكبير ، وامّا في العالم الصّغير فالقوى الحيوانيّة والبشريّة ما لم تبلغ في التبعيّة للنّفس الى مقام التّمتّع والالتذاذ بشهود النّفس لشيخها تكون يتامى ومالها وحقّها التلذّذ بمشتهياتها ومقتضياتها في الحلال فانّ التلذّذ في الحلال جعل قسيما لتزوّد المعاد في الاخبار ، ولمّا كان منع اليتامى باىّ معنى كان عن حقّهم ظلما على المظلوم الّذى كان مستحقّا للتّرحّم عظّم تعالى ذنبه فقال تعالى (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) اى ذنبا عظيما (وَإِنْ خِفْتُمْ) ايّها النّاظرون في امر اليتامى إذا أردتم نكاحهنّ ضنّة بأموالهنّ (أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) بالتّقصير في حقّهنّ «ف» دعوا نكاحهنّ و (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) وعن أمير المؤمنين (ع) في جواب مسائل الزّنديق الّذى سأل عن أشياء انّه أسقط بين طرفي تلك الآية أكثر من ثلث القرآن (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) تخيير بين الواحدة الى اربع وأيضا تخيير في الاستبدال فانّ في هذا الوزن دلالة على التّكرير (فَإِنْ خِفْتُمْ) ايّها الرّاغبون في النّكاح (أَلَّا تَعْدِلُوا) بينهنّ إذا كنّ أكثر من الواحدة «ف» انكحوا (فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ان خفتم التّقصير في حقّ الحرّة (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) اى لا تميلوا عن الحقّ أو لا تمونوا فتعسروا فانّ خفّة العيال أحد اليسارين كما في الخير (وَآتُوا النِّساءَ) ايّها الأزواج (صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) منكم لهنّ اى عطيّة وفيه تنشيطا لهم فانّ استرداد العطيّة في غاية القبح وان كان الخطاب لأولياء النّكاح لانّهم كانوا يأخذون الصّداق لأنفسهم كما هو الآن كذلك في بعض الاعراب والأكراد فالمعنى آتوهنّ صدقاتهنّ ايّها الأولياء فانّها عطيّة لهنّ