الّتى هي الصّلوة المسنونة من الأركان والاذكار المخصوصة أو من سائر أقسامها وناداهم تلطّفا بهم وجبرا لكلفة النّهى بلذّة النّداء فقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أذعنوا بالله وبمحمّد (ص) ، أو أرادوا الايمان بالله على يد محمّد (ص) ، أو آمنوا على يد محمّد (ص) بالبيعة العامّة النّبويّة وقبول الدّعوة الظّاهرة ، أو آمنوا بالبيعة الخاصّة الولويّة وقبول الدّعوة الباطنة (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) الصّلوة تطلق لغة على الدّعاء والرّحمة والاستغفار وشرعا على الأفعال والاذكار الموضوعة في الشّريعة ، وتطلق حقيقة أو مجازا على المواضع المقرّرة للصّلوة الشّرعيّة ، وعلى الذّكر القلبىّ المأخوذ من صاحب اجازة الهيّة ، وعلى صاحب الاجازة الإلهيّة ، وعلى الصّورة المثاليّة الحاضرة في قلب السّالك من صاحب الاجازة ، وعلى كلّ من مراتبه البشريّة والمثاليّة والقلبيّة والروحيّة بمراتب الرّوحيّة وذلك لانّ الأسماء وضعت للمسميّات من غير اعتبار خصوصيّة من خصوصيّات المراتب فيها ؛ فالصّلاة وضعت لما به يتوجّه الى الله ويسلك اليه بتسنين واذن من الله كما انّ الزّكاة اسم لما به ينصرف عن غير الله بتسنين واذن من الله ، ويدلّ على ذلك انّ الصّلوة كانت في كلّ شريعة ولم تكن بتلك الهيئة المخصوصة وقوله: (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) يدلّ على العموم لعدم إمكان ادامة الصّلوة القالبيّة وكذا قوله : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ ،) وكذا قول علىّ (ع) في بعض ما قال : انا الصّلوة ، فقلب علىّ (ع) وولايته هي الصّلوة الّتى هي عمود الدّين ، وان قبلت قبل ما سواها ، وهي معراج المؤمن وهي بيت الله الّذى اذن الله ان يرفع ، وهي الكعبة ، وهي المسجد الّذى قال تعالى : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ، وقال: (أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ،) وما يدخل من نفخة علىّ (ع) في القلب وهو الايمان الدّاخل في القلب ، وما يؤخذ من صاحب الاجازة الالهيّة من الذّكر الجلىّ والخفيّ ، وما يؤخذ من صاحب الاجازة من الصّلوة القالبيّة كلّها صلوة ، وما يبيّنه صاحب القلب الّذى صار قلبه متّصفا بالصّلوة من حيث ذلك الاتّصاف كالمساجد هو أيضا صلوة كما انّه بيت الله ، فمن أخذ الصّلوة القالبيّة من أمثاله واقرانه أو آبائه ومعلّميه من غير تقليد عالم مجاز لم يكن عمله مقبولا ولو كان موافقا ، وهكذا حال من تسرّع الى الاذكار والأوراد ومن تسرّع الى الذّكر القلبىّ من غير اذن واجازة من شيخ مجاز لم ينتفع به ولم يكن صلوته صلوة حقيقة ولا عبادته عبادة ، وقد ورد اخبار كثيرة في انّ العبادة بدون الولاية غير مقبولة ومردودة والولاية وقبولها عبارة عمّا يحصل بسببه الاجازة في العبادة وكأنّه تعالى أراد بالصّلوة جميع معانيها بمثل عموم المجاز والاشتراك ولذلك قال : (لا تَقْرَبُوا) ؛ ليناسب جميع معانيها دون لا تدخلوا لئلا يتوهّم ارادة بعض المعاني الدّانية منه والنّهى اعمّ من الحرمة والكراهة والنّزاهة ولا اختصاص له بشيء منها واستعماله في الموارد المخصوصة بحسب القرائن في الحرمة أو الكراهة لا ينافي عموم مفهومه.
تحقيق معنى السّكر
(وَأَنْتُمْ سُكارى) قرئ بضمّ السّين وفتحها جمعا وكهلكى جمعا أو مفردا على ان يكون صفة لجماعة مقدّرة وكحبلى مفردا ، والسّكر من السّكر بمعنى السدّ ويسمّى الحالة الحاصلة من استعمال شيء من المسكرات سكرا لسدّها طرق تصرّف العقل في القوى وطرق انقياد القوى للعقل ، ولا اختصاص لها بالخمر العنبيّة المعروفة بل كلّ ما يحصل منه تلك الحالة شربا أو اكلا أو تدخينا أو غير ذلك فهو خمر النّفس سواء حصل منه السّكر المعروف كالفقّاع والعصيرات المتّخذة من غير العنب وكالبنج والجرس والأفيون أو لا كالحرص والأمل والحبّ والشّهوة والغضب والحسد والبخل