القرآن في أحكامهم عند مسألتهم (قالُوا) اى المقترحون أو المتّقون حرصا على اجابة الكفّار الى مقترحاتهم طمعا في ايمانهم (لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) لو لا اخترت الآية المقترحة (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) ولست اختار من قبل نفسي آية ومعجزة من مقترحاتكم أو آية في احكامكم (هذا) القرآن أو هذا المذكور من قوله واتل عليهم وهو من جملة المقول له (ص) أو مستأنف من الله (بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) صفة للمجموع (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) يعنى إذا قرأ الامام الموثوق به في الصّلوة القرآن اى الحمد والسّورة وأنتم مؤتمّون به كما في بعض الاخبار ، أو إذا قرأ الامام موثوقا به أو غير موثوق به في الصّلوة وأنتم مؤتمّون به ، أو (إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ) مطلقا سواء كان القارى إماما أو غير امام وسواء كنتم مؤتميّن أو غير مؤتميّن ، وسواء كان القارى مصلّيا أو غير مصلّ ، وسواء كنتم مصلّين أو غير مصلّين كما في بعض الاخبار ، ووجه الجمع بين الاخبار المبالغة في وجوب انصات المستمع في الصّلوة مؤتّما حالكون القارى إماما موثوقا به وعدم المبالغة في الوجوب في غير الصّورة المذكورة ، أو الوجوب في الصّورة المذكورة والاستحباب في غير الصّورة المذكورة كما عليه أصحاب الفتيا ، ووجه اختلاف الاخبار في باب من ائتمّ بالمخالف بالنّهى عن القراءة والأمر به اختلاف أحوال الأشخاص في إمكان إخفاء القراءة عن المخالفين وعدمه (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَاذْكُرْ رَبَّكَ) المضاف أو المطلق عطف على قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَ) ، أو مستأنف والأمر له (ص) بحيث يشمل أمّته أو الخطاب عامّ ويصحّ عطفه على استمعوا أو على (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) ، أو على (خُذِ الْعَفْوَ)(فِي نَفْسِكَ) يعنى دون لسانك فانّه المتبادر ، ومقتضى المقابلة مع قوله (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) ، وهو اشارة الى الذّكر الخفىّ الّذى هو مصطلح الصّوفيّة ولذا قدّمه والمراد بالذّكر اعمّ من الذكّر النّقشىّ المثالىّ المأخوذ عن ولىّ الأمر ومن الذكّر التّمثالىّ المثالىّ الّذى يعبّر عنه بالفكر والحضور ، وهو تصوّر مثال الشّيخ عند الّذاكر وهو أبلغ في الذكّر من النّقشىّ المثالىّ وهو أبلغ من اللّسانىّ الغير المجهور وهو أبلغ من المجهور ، ويجوز ان يراد بالّذكر في النّفس مطلق تذكّر الرّبّ أو تذكّر امره ونهيه عند كلّ فعال ، وقد سبق تفصيل الذكّر واقسامه وفضيلة كلّ قسم منه في اوّل البقرة عند قوله (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)(تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) ذكر تضرّع أو مصدران من غير لفظ الفعل على ان يكون المراد من كلّ من التّضرّع والخفية أحد أنواع الذّكر أو متضرّعا وخائفا ، ويحتمل ان يكون قوله (تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) مفعولا له حصوليّا أو تحصيليّا يعنى انّ الرّجاء والخوف من لوازم وجود الإنسان ، أو من لوازم وجودك وهما يستلزمان الذّكر أو الرّجاء والخوف بمنزلة جناحي المؤمن لا يمكنه السّير بدونهما وهما لا يحصلان الّا بذكر الرّبّ فاذكره لتحصيلهما والمقصود من التّضرّع الرّجاء بقرينة مقابلة الخوف فانّ التّضرّع والابتهال والالتجاء من متفرّعات الرّجاء والمقصود نفى الغرور بالله ونفى اليأس من رحمة الله والوقوع بين الخوف والرّجاء اللّذين هما من صفات المؤمنين (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) يعنى باللّسان من غير جهر وهو اشارة الى الذّكر الجلىّ الّذى هو من مصطلحات الصّوفيّة وامّا الذّكر اللّسانىّ المجهور كما هو شأن القرّاء والقصّاص والعوامّ فقد ورد مذمّته ولم يكن من سنّة الصّوفيّة الصّافيّة ، فقد ورد عن مولينا ومقتدانا ومن به رجاءنا في عاجلنا وآجلنا أمير المؤمنين (ع) ورغم أنف المعاندين ، من ذكر الله في السّرّ فقد ذكر الله كثيرا