سورة الأنفال
مدنيّة بأسرها وقيل مدنيّة غير سبع ايات فانّها نزلت بمكّة وهي قوله :
(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) ، الى اخرهنّ وهي سبع أو ستّ أو خمس وسبعون اية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) جمع النّفل وهو الزّيادة وقد فسّرت في بعض الاخبار بما هو مختصّ بالرّسول (ص) والامام (ع) ممّا لا يوجف عليه بخيل ولا ركاب وبطون الاودية والآجام والأراضي الموات والمعادن وميراث من لا وارث له وغير ذلك ممّا لا شركة لغيره فيه ، وفسّرت في بعض آخر بالغنائم الّتى فيها الخمس للرّسول والبقيّة للمقاتلين ، وورد انّها نزلت في غنائم بدر حين اختلفوا فيها وتنازعوا وتشاجروا (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) لا شراكة لغير الرّسول فيها فان فسّرت بالغنائم فهي منسوخة بآية التّخميس وان فسّرت بغير الغنائم فهي ثابتة (فَاتَّقُوا اللهَ) ولا تطمعوا فيها ولا تختلفوا ولا تشاجروا ولا تريدوا إصلاح امر الله ورسوله فانّهم كانوا يوم بدر ثلاثة أصناف : صنف أغاروا على الغنائم ، وصنف تخلّفوا عند رسول الله (ص) ، وصنف ذهبوا في طلب العدوّ ، وكان المال قليلا والنّاس كثيرا وبعضهم ضعفاء وبعضهم أقوياء وكانت اوّل غنيمة أخذوها فتكلّموا فيها وفي كيفيّة قسمتها وتنازعوا في ذلك (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) ما بينكم لا ما بين الله والرّسول (ص) وبينكم فانّه ليس إصلاحه إليكم وذات هي الّتى بمعنى الصّاحبة ثمّ استعملت في مثل ذات الصّدور وذات بينكم بمعنى ما في الصّدور وما بينكم لمصاحبة ما في الصّدور وكذا ما في البين لهما (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) ولا تكلّموا فيما امره إليهما (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فانّ الايمان يقتضي تسليم أمر الله وتكلّمكم في امر الله ورسوله (ص) يورث الشّكّ في ايمانكم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) تعليل لما يفهم من الشّرط من الشّكّ في ايمانهم أو جواب لسؤال ناش من الشّرط كأنّه قال قائل : ان كان هؤلاء مشكوكا في ايمانهم فمن المؤمن الّذى لا يشكّ في ايمانه؟ ـ فقال : انّما المؤمنون (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) لذكره (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) لكون قلوبهم خالية عن رين الاهوية فيؤثّر ذكر الله وآياته فيها وقد مضى انّ الايمان له مراتب ودرجات