ذاتِ الشَّوْكَةِ) السّلاح (تَكُونُ لَكُمْ) وهو العير فانّه لم يكن فيها كثرة عدد ولا كثرة سلاح بخلاف قريش فانّ عددهم كان قريبا من الالف وكلّهم كانوا شاكي السّلاح (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَ) يثبّته ويظهره (بِكَلِماتِهِ) بخلفائه واتباعهم (وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) بالاستيصال بحيث لا يبقى منهم اثر ولا عقب (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) يعنى انّ نفس احقاق الحقّ هو المطلوب منه لا امر آخر فهو من قبيل ما كان الفعل مطلوبا لنفسه لا مقدّمة لأمر آخر فكأنّه قال : يريد الله ان يحقّ الحقّ لنفس احقاق الحقّ (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) ظرف لقوله (يُرِيدُ اللهُ) أو لقوله (كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) أو بدل من قوله (إِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) بدل الاشتمال فانّ الوعد كان في المدينة والاستغاثة حين القتال ومشاهدة قلّتهم وعدم عدّتهم وكثرة العدوّ عدّة وعدّة (فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) بعضهم بعضا أو مردفين لكم من اردفه إذا تبعه (وَما جَعَلَهُ اللهُ) اى الأمداد (إِلَّا بُشْرى) اى لكم بإنجاز الوعد بالنّصر (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) ولكنّكم لضعف يقينكم وتوكّلكم لا تنظرون الّا الى الأسباب ولذا اجرى النّصر بتوسّط الأسباب (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ) ظرف لقوله استجاب أو لممدّكم أو لمردفين أو لجعله الله أو لتطمئنّ أو لقوله من عند الله على الانفراد أو على سبيل التّنازع ، ويحتمل إبداله من قوله إذ يعدكم وقوله إذ تستغيثون بدل اشتمال (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) من الحدث والخبث (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) الجنابة أو وسوسته وتخويفه عن العطش ، روى انّهم نزلوا في كئيب اعفر تسوخ فيه الاقدام على غير ماء فناموا فاحتلم أكثرهم وقد غلب المشركون على الماء فوسوس إليهم الشّيطان وقال : كيف تنصرون وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلّون محدثين وتزعمون انّكم أولياء الله وفيكم رسوله فأشفقوا ، فأنزل المطر فمطّروا ليلا حتّى جرى الوادي واتّخذوا الحياض على غدوته وسقوا الرّكاب واغتسلوا وتوضّأوا وتلبّد الرّمل الّذى بينهم وبين العدوّ حتّى ثبتت عليه الاقدام وزالت الوسوسة (وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ) لمّا كان ربط القلوب تنزيلا من أشرف خصائل الإنسان والمرابطة تأويلا من آخر مقامات السّلاك كرّر اللّام اشارة الى انّه مغاير مع سابقيه شرفا ورتبة والمعنى وليربط المحبّة على قلوبكم أو ليربط الولاية الحقيقيّة الّتى هي مثال النّبىّ أو الولىّ على قلوبكم (وَيُثَبِّتَ بِهِ) اى بالمطر تنزيلا وبالرّبط تأويلا (الْأَقْدامَ) البدنيّة على التّراب لتلبّده وعلى الدّين لوصولكم الى مطلوبكم (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ) يجوز ان يكون ظرفا لكلّ من الأفعال المذكورة من قوله يغشّيكم الى قوله يثّبت به الاقدام منفردا أو على سبيل التّنازع ، ويجوز ان يكون بدلا من إذ الاولى ومن إذ الثّانية والثّالثة (أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) يعنى لست مخالفكم في التّثبيت حتّى لا يتيسّر لكم التّثبيت (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) اعانة لكم في التّثبيت حتّى يتمّ لكم امره (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) حتّى اطرقوا رؤسهم أو فاقطعوا رؤسهم (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) رؤس الأصابع ، وتكرار اضربوا واضافة لفظة فوق من التّطويل المطلوب