الدّاخلة تحت الثّياب الّتى بها تعظم جثّة الإنسان ، أو بالانتفاخ والانتقاش الّذى يكون للسّباع حين ثوران الغضب وهو مثل دائر في العرب والعجم (وَاصْبِرُوا) على الجهاد (إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) يعنى قريشا حين خرجوا مع آلات اللهو (بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ) ليثنوا عليهم بالشّجاعة والشّوكة فانّهم أخرجوا معهم القيان والخمور وآلات اللهو (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) فلا يخفى عليه أعمالكم ولا نيّاتكم (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) عطف على (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ) أو (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ) ، أو (إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ) على جواز عطف عدّة معطوفات كلّا على سابقه (وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ) وكان تزيينه بإذن الله ليقضى الله امرا كان مفعولا (وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) مجير لكم أو مجاور تمثّل لهم بصورة شخص بشرىّ يقال له سراقة كما في الخبر ، أو أوقع في روعهم ذلك ووسوس إليهم انّ الثّبات على الأصنام وحفظ دينهم امر الهىّ وهو مجيرهم ويحفظهم (فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ) رجع القهقرى وهو مثل يضرب لمن خاب من مأموله ورجع عن طلبه (وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) يعنى الملائكة (إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) من كلامه أو من كلام الله عطفا على قال ، في الخبر : انّ إبليس كان في صفّ المشركين آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه فقال له الحارث : يا سراقة اتخذ لنا على هذه الحال؟ ـ فقال : انّى ارى ما لا ترون ، فقال : والله ما ترى الّا جواسيس يثرب ، فدفع في صدر الحارث وانطلق وانهزم النّاس ، فلمّا قدموا مكّة قال النّاس : هزم سراقة فقال : والله ما شعرت بمسيركم حتّى بلغني هزيمتكم فقالوا : انّك أتيتنا يوم كذا فحلف لهم فلمّا أسلموا علموا انّ ذلك كان الشّيطان (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ممّن أسلم ظاهرا متعلّق بواحد من الأفعال السّابقة أو بدل من إذ زيّن لهم الشّيطان (غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) عزّ وغلب (فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) لا يغلب من يتوكّل عليه (حَكِيمٌ) يفعل بحكمته ما هو صلاح عباده من تجرئة القليل على الكثير وغلبتهم ليظهر حقّيّة دينهم (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا) لو للتمنّى لأنّه كثيرا ما يستعمل ليت في أمثال تلك القضايا ولا مانع من جعل لو بمعناها مع انّه غنىّ عن تقدير الجواب ولو جعل لو للّشرط فالجواب محذوف اى لرأيت امرا فظيعا والخطاب لمحمّد (ص) أو عامّ والمراد توفّيهم يوم بدر أو عامّ (الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) يعمّ الضّرب جميع أطرافهم أو المراد الوجوه والأستاه كما في الخبر لانّ الله حيي ويكنّى (وَ) يقولون (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) أو يقول الله : ذوقوا عذاب الحريق في الدّنيا أو في الآخرة (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) من قول الله أو الملائكة (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) عطف على ما قدّمت والمقصود نفى سببيّة ظلمه تعالى وحقّ العبارة حينئذ ان يقول لا بانّ الله ظلّام للعبيد لكنّها لمّا كانت موهمة لنسبة الظّلم اليه تعالى ونفى سببيّته للعقوبة ادّاه بصورة نفى الظّلم وسببيّة النّفى للعقوبة فانّه كثيرا ما يؤتى بأداة التّسبيب ويراد نفى السببيّة كما يقال : فلان بنفسه يفعل كذا ويراد لا بسبب فهو نفى لنسبة الظّلم اليه تعالى صريحا وبسببيّة الظّلم فحوى لا انّه