معهم وقبول ولايتهم لانّ الإسلام طريق الى الايمان وبه يهتدى اليه ولذلك قال تعالى (يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ) والخروج من طريق الولاية وطريق القلب بالهدى الّذى يحصل لهم من ظاهر إسلامهم لانّه بضاعتهم المكتسبة من إسلامهم وبالهدى الّذى هو فطرتهم ولا يقنعون به (وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا) ايّها المؤمنون عن (السَّبِيلَ) الّذى أنتم عليه من ولاية علىّ (ع) (وَاللهُ أَعْلَمُ) منكم (بِأَعْدائِكُمْ) فلا تتّخذوا كلّ من أظهر بلسانه محبّتكم وولايتكم أولياء بل اكتفوا بولاية الله في مظاهر أوليائه الّذين أمركم الله بولايتهم (وَكَفى بِاللهِ) في مظاهره (وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) فلا تطلبوا الولاية والنّصرة من غير من أمركم الله ورسوله (ص) بقبول ولايته وهو علىّ (ع) واصرفوا وجوه قلوبكم عمّن أمركم بالصّرف عنه (مِنَ الَّذِينَ هادُوا) من بيانيّة والظّرف حال عن الّذين أوتوا نصيبا من الكتاب أو من تبعيضيّة والظّرف بنفسه مبتدأ لقوّة معنى البعضيّة في من التبعيضيّة سواء جعلت اسما أو حرفا ، أو الظّرف قائم مقام الموصوف المحذوف الّذى هو مبتدأ (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) بتبديل كلمة مكان كلمة ، أو بإسقاط بعض من الكلم ، أو بصرفه عن مصاديقه الى غيرها بتمويه انّ ذلك الغير مصاديقه أو بصرفه عن مقاصده المرادة بتمويه انّ غيرها مقصود من الكلم سواء كان ذلك عن علم بالمصداق والمقصود أو عن جهل وهو تعريض بمنافقى الامّة وبفعلهم بكلم الكتاب والسّنّة حيث كتموا بعضه وبدّلوا بعضه وصرفوا بعضه عن مصداقه وبعضه عن مقصوده وهو يجرى أيضا فيمن اقام نفسه مقام بيان الكلم وصرفه عن مصداقه ومقصوده جهلا بهما كأكثر العامّة (وَ) بيان التّحريف انّهم (يَقُولُونَ سَمِعْنا) بلسانهم (وَعَصَيْنا) في أنفسهم لانّهم لا يصرّحون بالعصيان (وَ) يقولون (اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) بتبديل غير مسمع عن مقصوده الّذى هو معنى غير مسمع مكروها الى معنى غير مسمع بالصّمم أو الموت (وَ) يقولون (راعِنا) بصرف راعنا عن معناه ومفهومه العربىّ الى معناه الّذى هو سبّ في لغتهم (لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ) التواء للحروف بألسنتهم من غير القصد الى معناه المعروف أو التواء للكلم عن معناه المعروف المدحىّ الى المعنى الغير المعروف السبّىّ (وَطَعْناً فِي الدِّينِ) استهزاء بالدّين بسبب ما يضمرونه من خلاف المعروف وهو مفعول مطلق قائم مقام فعله أو مفعول له أو حال وكذلك ليّا (وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا) بتبديل راعنا به أو بقصد هذا المعنى من راعنا (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ) واعدل (وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ) ابعدهم عن الخير والصّلاح (بِكُفْرِهِمْ) بك (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) ايمانا قليلا وهو الايمان ببعض ما يؤمن به من آيات الكتاب والرّسل أو الّا قليلا منهم على ان يكون المستثنى في الكلام المنفىّ التّامّ منصوبا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) من اليهود والنّصارى ويكون تعريضا بامّة محمّد (ص) وتهديدا لهم أو من أمّة محمّد (ص) على ان يكون الخطاب لهم ابتداء والاوّل أظهر (آمِنُوا بِما نَزَّلْنا) من القرآن أو من ولاية علىّ (ع) (مُصَدِّقاً) ومثبتا «ل» صدق (لِما مَعَكُمْ) من التّوراة والإنجيل أو مخرجا عن الاعوجاج والانحناء لما معكم من احكام النّبوّة وقبول طاعة النّبىّ (ص) ، وان كان المراد من ظاهر اللّفظ اليهود والنّصارى فامّة محمّد (ص) مقصودة تعريضا (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً) بمحو محاسنها وأشكالها الفطريّة والكسبيّة (فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ) بتغيير صور تمام أعضائهم