سورة التوبة
مائة وتسع وعشرون آية وهي مدنيّة كلّها وقيل : غير آيتين وهما قوله تعالى : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ) (الى آخر السّورة) واسماؤها عشرة سورة براءة ، والتّوبة ، والفاضحة ، والمبعثرة لبحثها عن اسرار المنافقين ، والمقشقشة لتبرئتها من النّفاق ، والبحوث لبحثها عن اسرار المنافقين ، والمدمدمة اى المهلكة ، والحافرة من الحفر بمعنى التّنقية ، والمثيرة ، وسورة العذاب. عن أمير المؤمنين (ع) لم ينزل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) على رأس سورة براءة لانّ بسم الله للأمان والرّحمة ونزلت براءة لدفع الامان والسّيف ، وعن الصّادق (ع) الأنفال وبراءة سورة واحدة ولذلك لم ينزل بينهما بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وقيل : كان النّبىّ (ص) ينزل عليه الآيات فيدعو بعض الكتّاب فيقول : ضع هذه الآيات في سورة كذا وكذا ، وكان الأنفال في اوّل ما نزلت في المدينة وبراءة في آخر ما نزلت وقبض رسول الله (ص) ولم يبيّن انّها منها فوضعناها عقيبها من دون بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
(بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) هذه من المصادر النّائبة عن افعالها وأصلها برء الله ورسوله براءة من الّذين عاهدتم ثمّ حذف الفعل وأقيم المصدر مقامه ووصل الفاعل بحرف الجرّ صفة له ، نظيره ما يقولون زعما منهم وخلافا لهم فانّهما أصلهما زعموا وخالفوا وأبدل لفظة من بلفظة الى اشعارا بتضمين معنى الوصول أو تقديره ، ثمّ عدل من نصب براءة الى الرّفع مبالغة وتأكيدا وقد قرئ بالنّصب على أصله وعلى هذا فهي مبتدء مخصّص بالصّفة وخبره الى الّذين عاهدتم ويحتمل ان يكون خبرا لمبتدء محذوف ومن الله والى الّذين عاهدتم صفتين له اى براءة ناشئة من الله واصلة الى الّذين عاهدتم ، أو هذه براءة وأصله من الله الى الّذين عاهدتم ونسب المعاهدة الى المسلمين لانّها مع كونها من رسول الله (ص) كانت لمصلحة المسلمين فكأنّها كانت منهم ، ونسب البراءة الى الله والرّسول مخاطبا للمسلمين اشارة الى وجوبها عليهم والّذين عاهدتهم وان كان عامّا لكنّه مخصّص بالنّاقضين بقرينة الاستثناء الآتي ، فالنّظر في انّه كيف يجوز نقض العهد من الرّسول (ص)؟ ساقط من أصله (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أعلام وامهال نصفا ورجاء ان يتوبوا والمراد بأربعة أشهر عشرون من ذي الحجّة الى عاشر ربيع الثّانى ، ونقل انّ فتح مكّة كان في الثّامن من الهجرة ونزول سورة براءة في العام التّاسع وحجّة الوداع في العاشر واتّفق مفسّروا العامّة والخاصّة انّه بعث رسول الله (ص) أبا بكر أميرا على الموسم فقالت الخاصّة : بعثه بسورة براءة ثمّ نزل عليه الوحي ان لا يؤدّى عنك الّا رجل منك فبعث عليّا (ع) فلحق بأبى بكر وأخذ سورة براءة منه وقالت العامّة: نزل براءة بعد بعثه (ص) أبا بكر فبعث بعده عليّا (ع) فقيل له (ص) في ذلك فقال : لا يؤدّى الّا رجل منّى وتفصيل قصّته مذكورة في كتب الفريقين (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) تهديد لهم بانّ الامهال لا ينفعهم (وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ)