اسم الايمان عن الإسلام كما قال تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا ،) يعنى ما اعتقد تموه ايمانا ليس بإيمان بل هو إسلام ، والتّقوى من سخط الله وعذابه قد تطلق باعتبار مطلق الانزجار عن النّفس ومقتضياتها وهو مقدّم على الإسلام الحقيقىّ الّذى هو هداية للايمان ، وقد تطلق باعتبار الانصراف عن النّفس وطرقها الى طريق القلب والسّلوك اليه والتّقوى بهذا المعنى لا تحصل الّا بالايمان الخاصّ والبيعة الولويّة ، لانّ الإنسان ما لم يبايع بتلك البيعة لم يتّضح له طريق القلب فضلا عن التّوجّه اليه والسّلوك عليه ولم يدخل الايمان في قلبه ، فهذه التّقوى لا تحصل قبل الإسلام ولا قبل الايمان بل هي مع الايمان وتكون بعد الايمان الى ان تحصل التّقوى من ذاته من غير شعور بتقواه وهو الفناء التّامّ الّذى لا فناء بعده وبعده صحو وبقاء بالله واتّصاف بصفات الله الحقيقيّة والاضافيّة الّتى هي داخلة تحت اسم الرّحمن كما قال تعالى : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) يعنى بعد انتهاء التّقوى لهم صحو واتّصاف بصفة الرّحمانيّة الّتى هي مجمع سائر الصّفات الاضافيّة وباعتبار هذا المعنى خصّصوا التّقوى بشيعتهم ، والصّدق لغة وعرفا مطابقة القول اللّفظىّ أو النّفسىّ للواقع ، وعند أهل الله النّاظرين الى الأشياء بما هي عليه الصّدق مطابقة الأقوال والأفعال والأحوال والأخلاق والعلوم لما ينبغي ان يكون الإنسان عليه ، ولما هو نفس الأمر لما ينتسب الى الإنسان بما هو إنسان ، فانّ اللّطيفة الانسانيّة مظهر للعقل ان لم تكن محجوبة باغشية الآراء النّفسيّة والكدورات الطّبيعيّة والعقل مظهر لله تعالى ومظهر المظهر مظهر ، وما ينسب الى مظهر شيء من حيث انّه مظهر ذلك الشّيء ينسب الى ذلك الشّيء حقيقة ويصحّ سلبه عن المظهر كما في قوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ) في عين انّ القتل كان بأيديهم فسلب نسبة القتل عنهم حيث انّهم لغاية الدّهشة ونزول السّكينة الّتى هي ظهور الحقّ تعالى كانوا مظاهر للسّكينة والسّكينة مظهر لله تعالى فسلب القتل عنهم واثبته للظّاهر فيهم وهو السّكينة اوّلا والحقّ الاوّل ثانيا فقال : (وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) إسقاطا لحكم الظّاهر الاوّل أيضا وكذا قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) فما هو نفس الأمر لما ينسب الى الإنسان ان يكون بحيث ينسب حقيقة الى الله ويصحّ سلبه عن الإنسان فما ينسب الى الإنسان إذا لم يصحّ نسبته الى الله تعالى أو لم يصحّ سلب نسبته عنه كان كذبا ، وكما انّ القول فعل اللّسان كذلك الأفعال والأحوال والأخلاق والعلوم قول الأركان والجنان ، وصيغة الصّادق لغة تطلق على من اتّصف بصدق ما من غير تعرّض لكونه سجيّة له أو عرضيّا لكنّه غلب في العرف على من صار الصّدق سجيّة له ، فعلى هذا كان الصّادق من تمكّن في الانسانيّة وصار كلّما صدر عنه موافقا لما اقتضته انسانيّته ، وهذا المعنى مخصوص بالإنسان الكامل ولذا حصروا الصّادقين في أنفسهم ، وصيغة الأمر من الكون تدلّ على الاستمرار إذا أطلقت خصوصا إذا كان بعدها ما يدلّ على المعيّة المشعرة بالاستمرار وان كان الأمر من غير الكون مطلقا عن التّقييد بالاستمرار وعدمه إذا أطلق ، والمعيّة تصدق على المصاحبة البدنيّة البشريّة لكن استمرار تلك المصاحبة غير ممكن لافراد البشر حيث تحتاج لبعض ضروريّاتها الى المفارقة البدنيّة على انّها لا تفيد فائدة اخرويّة يعتنى بها إذا لم تقترن بالمصاحبة النّفسيّة ، اما سمعت انّ أكثر المنافقين كانوا اشدّ مصاحبة للنّبىّ (ص) من سائر الصّحابة! وبعضهم سابقا في الهجرة ومذكورا في الكتاب بالمصاحبة! ولمّا كان مصاحبتهم محض المصاحبة البدنيّة لم تنفعهم في الآخرة ، وتصدق على المصاحبة النّفسيّة مع رقائق الصّادقين المأخوذة منهم من الفعليّة الحاصلة في نفوس التّابعين بسبب البيعة والاتّصال الصّورىّ ، وقبول الولاية الّتى هي بمنزلة الانفحة للبن الأعمال وبمنزلة البذر لزرع الآخرة ومن الذّكر