سورة يونس
مائة وتسع آيات ، وقيل : عشر آيات وهي مكّية كلّها : وقيل : سوى ثلاث آيات (فَإِنْ كُنْتَ
فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) (الى آخرها) وقيل : الّا آية هي (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) (الاية)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر) قد مضى في اوّل البقرة وفي مطاوى ما سبق انّ أمثال هذا من الرّموز الّتى يعبّر بها عمّا عاينه المنسلخ عن هذا العالم من مراتب الوجود وآياته العظمى فيلقّيها الملك بالوحي أو بالتّحديث مشارا بها الى تلك المراتب والآيات ، وإذا أريد التّعبير عن المقصود بها للراقدين في فراش الطّبع يعبّر بالمناسبات والتّمثيلات كما يظهر الحقائق للنّائم بالمناسبات والتّمثيلات فيحتاج الى تعبير من خبير بصير ، فما ورد في تفسيرها من كون الالف اشارة الى الله ، واللّام اشارة الى جبرئيل ، والميم أو الرّاء اشارة الى محمّد (ص) ، وكذا ما ورد من انّ معناه : انا الله الرّؤوف ، تمثيل محتاج الى التّعبير ، وما ورد انّ الحروف المقطّعة في القرآن حروف اسم الله الأعظم يؤلّفها الرّسول (ص) أو الامام فيدعو بها فيجاب فهو اشارة الى خواصّها الّتى تترتّب عليها بحسب اعدادها ونقوشها كما أشير اليه في الاخبار ، أو كناية عن اتّصافه بحقائقها (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) اشارة الى المراتب المشهورة المعبّر عنها بتلك الحروف ووجوه الاعراب في أمثاله والفرق بين الكلام والكتاب قد سبق في اوّل البقرة (الْحَكِيمِ) ذي الحكمة في العلم والعمل لانّ المراد بالكتاب مراتب الوجود من العقول والنّفوس وهي ذات حكمة في العلم والعمل يعنى علمها وعملها مشتملان على الدّقائق أو المحكم الّذى لا نسخ فيه فانّ المتشابه هو جملة عالم الطّبع بحقائقها وآثارها ومنه الكتاب التّدوينىّ وعالم الطّبع من حيث ذاته متشابه وان كان من حيث انتسابه الى الله محكما (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ) لمّا اعتقدوا انّ الرّسول لا بدّ وان يكون مناسبا للمرسل والمناسب لله هو الملك تعجّبوا من ادّعاء البشر لرسالة من الله واعتقدوا انّه فرية عظيمة وهذا حمق وسفاهة منهم ، فانّ الرّسول كما يكون مناسبا للمرسل ينبغي ان يكون مناسبا للمرسل إليهم ولا يكون الّا من كان ذا شأنين ؛ شأن الهىّ وشأن خلقىّ حتّى يناسب بشأنيّة الطّرفين فأنكر سبحانه تعجّبهم ووبّخهم على ذلك (أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ) وضع المظهر موضع المضمر لئلّا يتوهّم ارادة المتعجّبين منهم