السّابقة من قوله للّذين أحسنوا الى أغشيت وجوههم اى في الدّنيا أو يوم الموت أو يوم الرّجعة ويوم نحشرهم أو المعطوف والمعطوف عليه كلاهما محذوفان والتّقدير ذكّرهم بما ذكر وذكّرهم يوم نحشرهم أو متعلّق بزيّلنا على تقدير امّا أو توهّمه أو زيادة الفاء ، أو متعلّق بزيّلنا المذكور تفسيره (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) بالله أو بالولاية (مَكانَكُمْ) الزموا ولا تبرحوا أو هو اسم فعل و (أَنْتُمْ) تأكيد للمستتر فيه تصحيحا للعطف عليه (وَشُرَكاؤُكُمْ) في الآلهة أو في العبادة أو في الولاية أو في الطّاعة أو في المحبّة أو في الوجود (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) اوقعنا التّفرقة بين المؤمنين والكفّار أو بين الكفّار وشركاءهم (وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ) بأحد الوجوه (ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ) المراد بالعبادة هاهنا اعمّ من العبادة المعروفة ، أو المراد بشركاؤهم الشّركاء في العبادة لانّهم في الحقيقة عبدوا أهواءهم ومن عبادة أهواءهم تولّد عبادة الشّركاء الظّاهرة (فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) عطف على ما كنتم ولمّا كان مرتبة الاستشهاد بعد إبراز الدّعوى عطفه بالفاء واستشهد شركاءهم بالله على نفى عبادة المشركين لهم ، لانّه كان العالم بحقيقة الحال وانّهم بعبادة الشّركاء واطاعتهم ما كانوا عابدين الّا اهويتهم وما أرادوا بذلك الّا حصول مشتهياتهم فهم كانوا عابدين لأنفسهم الخبيثة مصدرا ومرجعا ، أعاذنا الله من ان بقول يوم العرض لنا : ما كنتم ايّاى تعبدون ، لانّ الدّاعى لعبادتكم كان اهويتكم لا أمري والمقصود كان حصول اغراضكم لا رضاي (إِنْ كُنَّا) ان هي المخفّفة (عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ) نفوا دعوى المعبوديّة لأنفسهم كما نفوا عبادة المشركين لهم (هُنالِكَ) المقام أو الزّمان (تَبْلُوا) تختبر (كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ) فتعرف حقّها عن باطلها أو صحيحها عن سقيمها وجيّدها عن مغشوشها لحدّة بصرهم وصفاء ادراكهم فيدركون ايّها صدر عن النّفس الامّارة والشّيطان وايّها صدر عن العقل بشركة النّفس وايّها صدر عن العقل ثمّ طرء عليه أغراض النّفس (وَرُدُّوا) بعد ما عرفوا أعمالهم (إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) التّوصيف بالحقّ تعريض ببطلان معبوداتهم (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من الشّركاء لكونها باطلة (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ) بالرّزق الانسانىّ (وَالْأَرْضِ) بالرّزق الحيوانىّ أو بكليهما باعداد كليهما (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) اقتصر على المدارك الجزئيّة المحسوسة ومنها على أشرفها وأنفعها للإنسان اعنى السّمع والبصر افادة لمملوكيّة غيرها بالطّريق الاولى والمراد بمالكيّته تعالى لها كونها تحت قدرته بحيث لا مدخليّة لأحد غيره فيها فيعطى ويمنع ويأخذ ويبقى ويجعل سليما ومأوفا وقويّا وضعيفا ما يشاء منها لمن يشاء (وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) والمراد بإخراج الحىّ اعمّ من إخراج الحيوان من مادّته الميتة وإنشاء النّفس الحيّة بالّذات من البدن الميتة وإخراجها منه بالموت أو بالنّوم وإخراج المؤمن من الّذى هو حىّ بالحيوة الانسانيّة من الكافر الّذى هو ميّت عنها وإخراج المثال الصّاعد من عالم الطّبع وهكذا إخراج الميّت من الحىّ (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) قد مضى تفسير هذه الكلمة في اوّل السّورة (فَسَيَقُولُونَ اللهُ) الفاء زائدة والجملة جواب لسؤال مقدّر أو الفاء جواب شرط محذوف أو خالصة للسببيّة (فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) توبيخا لهم أو امرا لهم بالتّقوى بعد إقرارهم بكون الكلّ بقدرته (فَذلِكُمُ) الموصوف بما ذكر (اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُ)