تعريض ببطلان شركاءهم كما مرّ ، وفي اعرابه وجوه أحسنها ان يكون ذلكم مبتدء والله صفة أو بدلا منه وربّكم خبرا عنه والحقّ صفة له (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِ) بعد الانصراف عنه أو بعد الحقّيّة (إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) وليس انصرافكم الّا الى الضّلال لعدم الواسطة (كَذلِكَ) متعلّق بتصرفون و (حَقَّتْ) ابتداء كلام أو متعلّق بحقّت وعلى اىّ تقدير فالجملة مستأنفة جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : فلا ينبغي لأحد ان ينصرف عنه فقال كحقيّة الرّبوبيّة أو ككون الضّلال بعد الحقّ أو كانصرافهم عن الحقّ حقّت (كَلِمَةُ رَبِّكَ) اى الضّلال أو حكمه بالضّلال أو عدم ايمانهم (عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا) خرجوا عن الحقّ أو عن طاعة العقل أو النّبىّ (ص) أو الولىّ (ع) (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) بتقدير الباء أو اللّام أو بدل من كلمة ربّك (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) ذكر الاعادة في الإلزام امّا لكون المخاطبين معتقدين بالاعادة أو لوضوح برهانها أو للاكتفاء بالابداء في الإلزام وذكر الاعادة للتّنبيه والاستطراد ، أو المراد بالاعادة هو تكميل المواليد بالبلوغ الى كمالاتها المترقّبة منها ولمّا لم يكن لهم جواب سوى الاعتراف بانّ الله هو المبدأ والمعيد وليس هذا من فعل الشّركاء امر تعالى نبيّه (ص) ان يجيب عنهم فقال (قُلِ اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) الى اين تصرفون عن الله بعد قدرته وعجز الشّركاء (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) ولمّا كان هاهنا عدم تبادرهم الى الجواب متوقّعا لخفاء هداية الله عليهم أو لاحتمالهم هداية أصنامهم امره (ص) بالتّبادر الى الجواب من قبلهم فقال (قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) مقول قوله (ص) أو استيناف كلام من الله (أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي) قرئ يهدّى بتشديد الدّالّ من اهتدى بابدال التّاء دالا وادغامها وقرئ حينئذ بكسر الهاء على قانون تحريك السّاكن بالكسرة وبفتحها على نقل حركة التّاء ، وقرئ في صورة كسر الهاء بفتح الياء على الأصل وبكسرها على اتّباعها ، وقرئ بتخفيف الدّال من الهدى بمعنى الرّشاد أو بمعنى الدّلالة (إِلَّا أَنْ يُهْدى) تنزيل الآيات في الإشراك بالإله وتأويلها في الإشراك بالولاية ولذا فسّر من يهدى بمحمّد (ص) وآله (ع) من بعده (ص) ، وعلى التّأويل يجوز تفسير الآية هكذا قل هل من شركاءكم من يهدى غيره أو يهتدى بنفسه الى الحقّ قل الله في مظاهره النبويّة أو الوليّة يهدى غيره أو يهتدى بنفسه الى الحقّ أفمن يهدى غيره أو يهتدى الى الحقّ احقّ ان يتّبع أم من لا يهدى غيره أو لا يهتدى على قراءة تخفيف الدّال ، أو أم من لا يهتدى فقط على قراءة تشديد الدّال ، وكأنّه للاشارة الى التّأويل أتى في الكلّ بلفظ من الّتى هي لذوي العقول (فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) باىّ حكم تحكمون فتختارون ما ليس له جهة ادراك على من يملك المدارك كلّها (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) استيناف على ما قيل بإتيان الواو للاستيناف لكنّه بعيد لانّه ما لم يلاحظ ربط بين الجملتين لا يؤتى بالواو فان شئت فسمّ ذلك الرّبط بالعطف بجعل الجملة السّابقة في أمثال هذا معطوفا عليها بلحاظ المعنى أو بتقدير المعطوف عليه من معنى الجملة السّابقة ، مثل ان يلاحظ انّ معنى ما لكم أو معنى كيف تحكمون ليس لهم عقل أو علم أو يحكمون بالباطل ، أو يقدّر أمثال ذلك بقرينة السّابق ثمّ يعطف عليه وان شئت فسمّه بشبه العطف والتّقييد بالأكثر امّا لانّ بعضهم يتّبعون رؤساءهم من غير حصول اعتقاد لهم لعدم شأنيّتهم لاعتقاد شيء كالحيوان الّذى يتّبع صاحبه من غير شعور له بنفع أو ضرّ في ذلك الاتّباع ، أو لانّ بعضهم كان يعلم