بطلان ما يعبد لكنّه كان يعبد المعبودات الباطلة ويطيع رؤساء الضّلالة لمحض أغراض فاسدة دنيويّة ، وتنكير الظّنّ للاشارة الى انّ ظنّهم ظنّ سفلى مستند الى النّفس ردىّ مهلك والّا فالظّنّ العلوىّ المستند الى العقل قلّما ينفكّ الطّالب للآخرة عنه ما لم يدخل في الولاية ولم يصر عالما بواسطة اتّباعه للولاية وذلك الظّنّ يجذبه الى دار العلم ويكون ممدوحا (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي) من اغنى عنه بمعنى ناب عنه وكفى كفايته (مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) مفعول مطلق ومن الحقّ صلة يغني أو مفعول به ومن الحقّ حال منه ، وتعريف الظّنّ امّا للاشارة الى الظّنّ السّابق أو للجنس باعتبار انّ بعض افراد الظّنّ وان كان قد يدعوا لي دار العلم لكنّه لا يكفى كفاية الحقّ فلا ينبغي الوقوف عليه فالظّنون المستندة الى الكتاب والسّنّة ان كانت عقليّة علويّة فهي ممدوحة لكن لا ينبغي الوقوف عليها ما لم توصل الى العلم وان كانت نفسيّة دنيويّة سفليّة فهي مذمومة (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) جواب سؤال ناش عن قوله وما يتّبع أكثرهم الّا ظنّا يعنى انّه عليم بصور أفعالهم ومصادرها وغاياتها (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى) اى لان يفتري بتقدير اللّام اى لا يجوز كونه مفترى فكيف بفعليّته أو افتراء من قبيل زيد عدل (مِنْ دُونِ اللهِ) من غير الله (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) من الكتب السّماويّة حيث يطابقها في العقائد والأحكام ونصب التّصديق بالعطف على خبر كان أو بتقدير كان على خلاف في عطف المفرد الآتي بعد لكن مع الواو أو بكونه مفعولا له لانزله مقدّرا (وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ) كتاب النّبوّة وأحكامها وقد مرّ مرارا انّ الكتاب اشارة الى احكام النّبوّة كلّما ذكر مطلقا (لا رَيْبَ فِيهِ) حال أو مستأنف (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ظرف مستقرّ حال أو خبر مبتدء محذوف والجملة مستأنفة (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ) ان افتريته (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) فانّه ان كان كلام المخلوق وأنتم فصحاء الخلق ينبغي ان تقدروا على مثله (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ) للاستعانة به على الإتيان (مِنْ دُونِ اللهِ) كما ادّعيتم انّه من غير الله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعوى الافتراء (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) أنكروا ما لم يعلموا شبّه العلم الكامل بالشّيء بشيء محاط من جميع جوانبه بحيث لم يشذّ عن المحيط شيء منه ، ففيه اشعار بانّ انكار ما لم يعلم بطلانه علما يقينيّا عيانيّا أو برهانيّا أو سماعيّا بتقليد من يعلم صدقه كذلك مذموم ، فإنكار بعض على من لم يروه موافقا لعاداتهم ورسومهم وتسميته حميّة للدّين وحفظا للإسلام وعقائد المسلمين ليس في محلّه (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) يعنى أنكروا ما لم يعلموا وما لم يعاينوا مصاديقه فيشاهدوا بطلانه فهو عطف على لم يحيطوا أو على كذّبوا أو حال ، ويجوز ان يكون المراد تهديدهم بإتيان مصاديق ما في القرآن أو ما في اخبار النّبىّ (ص) أو ما في الاخبار بولاية علىّ (ع) أو المراد بما لم يحيطوا بعلمه القرآن أو النّبوّة وبتأويله الولاية فانّها ما يئول اليه القرآن والنّبوّة لانّهما صورتاها (كَذلِكَ) التّكذيب من غير علم وعيان (كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم السّالفة المعاقبة في الدّنيا (فَانْظُرْ) بايّاك اعنى واسمعي يا جارة أو هو (ص) مقصود بالخطاب اصالة وغيره تبعا والغرض تسليته عن تكذيب قومه وتهديد القوم عن تكذيبه (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) اى عاقبتهم والتّعبير بالظّاهر لذمّ آخر (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) عطف على كذّبوا كأنّه قال : بل منهم من يعلم صدقه وينكر عنادا أو منهم من له استعداد التّصديق فيصدّق وينقاد بعد ذلك