أو ولاء علىّ (ع) كما في الاخبار (قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) جاعلين الله أو عليّا (ع) عاجزا عن نفاذ حكمه (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ) في حقّ الله أو حقّ محمّد (ص) وآل محمّد (ص) (ما فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ) عن نفسه من هول العذاب وشدّته (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) كراهة شماتة الأعداء كما في الخبر أو خوف اطّلاع ملائكة العذاب أو اطّلاع الله على ندامتهم النّاشئة عن اعترافهم بالظّلم فانّهم يحلفون لله كما يحلفون لكم على انكار الظّلم والذّنب (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بين المؤمنين والمنافقين أو بين الظّالمين والمظلومين (بِالْقِسْطِ) بإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه وكلّ ذي عقوبة عقوبته (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بمنع الحقّ وعقوبة غير المستحقّ وبنقص الحقّ وزيادة العقوبة (أَلا إِنَّ لِلَّهِ) مبدء ومرجعا وملكا (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فيفعل ما يشاء بمن يشاء من غير مانع من حكمه ولا رادّ من فعله (أَلا إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بالعذاب والثّواب (حَقٌ) لا خلف فيه من قبله كما لا مانع له من غيره ولمّا كان الجملتان لتسجيل عقوبة المنافقين وكان التّأكيد بعد ذمّهم مطلوبا أتى في الجملتين بأداة الاستفتاح ومؤكّدات الحكم (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ليس لهم صفة العلم ، فانّ العلم هو الإدراك الّذى يحرّك صاحبه من السّفل الى العلو ، وبعبارة اخرى هو الإدراك الّذى يحصل لصاحبه حالكونه في السّلوك الى الله ولا محالة يشتدّ كلّ يوم وكلّ آن ويستلزم ذلك الإدراك العمل بموجبه وحصول علم آخر له بآخرته ويحصل له ازدياد علم بالله وقدرته واحاطته ، وهذا العلم غير حاصل لمن أنكر الآخرة قالا كاهل بعض المذاهب أو حالا كأكثر المنتحلين للملل الحقّة فهم غير عالمين وان كانوا عالمين بجميع الفنون والصّناعات ، وللغفلة عن حقيقة العلم سمّى ادراكاتهم أشباه النّاس علوما ؛ وفي الخبر قد سمّاه أشباه النّاس عالما وقد حقّقنا ذلك في اوّل البقرة عند قوله : (لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) وفي الرّسالة المسمّاة ب «سعادت نامه» وعلى هذا فالتّقييد بالأكثر للاشعار بانّ اقلّهم ما أبطلوا علمهم الفطرىّ الّذى أعطاهم الله وبقي فيهم شيء منه محجوبا احتجابا عرضيّا (هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) تأكيد لقوله انّ لله ما في السّماوات والأرض ولذا لم يأت بالعاطف أو جواب لسؤال مقدّر أو حال والأحياء والامانة اشارة الى مالكيّته والرّجوع اليه اشارة الى مرجعيّته (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ) دعوة من الشّرور الى الخيرات (مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) من وساوس الشّيطان ولمّات النّفس واهويتها لمن استشفى به (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) والمراد القرآن فانّه موعظة وشفاء وهداية ورحمة أطلق الاوّلين لانّ الموعظة عامّة لمن اتّعظ ومن لم يتّعظ وكذا الشّفاء لكن لا ينتفع بهما الّا من اتّعظ واستشفى ، وقيّد الثّانيّين لاختصاصهما بالمؤمنين وعدم تعلّقهما بغيرهم وحقيقة الموعظة هي الرّسالة وأحكامها لتعلّقها بالقوالب والظّواهر وعمومها لكلّ الخلق ، وحقيقة الشّفاء النّبوّة لتعلّقها بالصّدور وعمومها أيضا وحقيقة الهدى والرّحمة الولاية لانّ الرّسالة والنّبوّة سبب لا يقاظ الخلق من الغفلة وتنبيههم على الحيرة والضّلالة ليس فيهما من حيث أنفسهما هداية ولا رحمة ، والولاية سبب لاراءة الطّريق وإيصال الضّالّ المتحيّر بعد تنبّهه بضلاله وتحيّره الى الطّريق ، وبعد الوصول الى الطّريق موجبة لنزول الرّحمة آنا فآنا عليه ، ولمّا كان القرآن صورة للكلّ صحّ جعل الأوصاف كلّها أو صافا له فصحّ التّفسير بالقرآن ، كما صحّ جعل الأوصاف لموصوفات متعدّدة كما ذكرنا والتّفسير بها