سورة هود
مائة وثلاث وعشرون آية وهي مكّيّة كلّها وقيل : سوى آية (وَأَقِمِ الصَّلاةَ) ؛ فانّها مدنيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر) قد سبق انّها اشارة الى مراتب العالم أو مراتب وجوده (ص) ولذلك ورد : انّ الحروف المقطّعة في أوائل السّور أسماؤه ، ومضى انّه في حال انسلاخه يشاهد من تلك الحروف ما لا يمكن التّعبير عنه الّا بالمناسبات وانّ مراتب العالم أو مراتب وجوده (ص) كتاب حقيقىّ تكوينىّ وانّ الكتاب التّدوينىّ صورة تلك الكتاب (كِتابٌ) خبر للحروف المقطّعة أو خبر مبتدء محذوف (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) في مقامه العالي من مراتب العقول المعبّر عنها بالأقلام وفي مراتب النّفوس الكلّيّة المعبّر عنها بالالواح العالية ، واللّوح المحفوظ واحكام الآيات في تلك المراتب عبارة عن عدم الخلل والبطلان والتّغيير والنّسخ فيها فانّه في تلك المراتب لا يمسّه الّا المطهّرون ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو في تلك المراتب محفوظ عن التّشابه بالباطل وبكلام غير الحقّ تعالى وهو فيها بنحو الإجمال من غير تفصيل (ثُمَّ فُصِّلَتْ) بعد تلك المراتب في مراتب النّفوس الجزئيّة المعبّر عنها بالالواح الجزئيّة وكتاب المحو والإثبات ثمّ في مراتب الأعيان المعبّر عنها بكتاب المحو والإثبات العينىّ ثمّ في مرتبة الأصوات والحروف ثمّ في مرتبة الكتابة والنّقوش ، وليست آيات الكتاب في تلك المراتب محكمات لتطرّق المحو والإثبات والنّسخ والتّبديل إليها ويتشابه حقّها بباطلها لتشابه المظاهر الشّيطانيّة بالمظاهر الإلهيّة وتشابه الأعمال والأقوال والأحوال والأخلاق ، فانّ المظاهر الشّيطانيّة يعملون أعمالهم الشّيطانيّة بصور الأعمال الالهيّة ثمّ يقولون هي بأمر الله والحال انّها بأمر الشّيطان ويحسبون أنّهم يحسنون صنعا ، ويقرؤن الآيات القرآنيّة بألسنتهم وهي ألسنة الشّيطان ويكتبون الآيات التّدوينيّة بأيديهم وهي أيدى الشّيطان ثمّ يقولون : هو من عند الله وما هو من عند الله ، بل من عند الشّيطان غاية ما فيه انّها مشابهة لما هو من عند الله صورة (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) كامل في العمل والعلم وذكر الوصفين للاشارة الى انّ كتابه التّكوينىّ والتّدوينىّ على كمال ما ينبغي فليس لأحد ان يردّ شيئا منهما أو يلوم أحدا كما ورد : لو اطّلعتم على سرّ القدر لا يلومنّ أحدكم أحدا ، ولدن الله وعند الله عبارة عن عالم المجرّدات وتفصيل الكتاب نشأ منها ولذا ورد ، انّ القرآن نزل جملة على البيت المعمور أو على قلب محمّد (ص) ثمّ نزل منه نجوما على صدره (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) ان مصدريّة اى لان لا تعبدوا والفعل نفى أو نهى أو تفسيريّة والفعل نهى يعنى انّ خلاصة