والتجأوا الى يوسف (ع) وعلى سبيل التّضرّع والاستكانة (قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً) ذكروا في مقام استرحامه أو صافا ثلاثة : ابوّته له الموجبة لحزنه بفراقه ، وشيخوخته المستلزمة للتّرحّم ، وغاية كبره في السّنّ مبالغة في الشّيخوخة أو في المنزلة المستلزمة لمراعاته (فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) في أخذ أحدنا عوضه أو مطلقا أو إلينا سابقا (قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ) استثناء مفرّغ من الموجب لكون المستثنى منه محدودا اى ان نأخذا أحدا منكم الّا من وجدنا منكم متاعنا عنده ، أو من المنفىّ باعتبار المعنى لانّ المعنى ما نأخذ الّا من وجدنا متاعنا عنده ، أو لفظة الّا بمعنى الغير وكان الأصل نأخذ وأحدا الّا من وجدنا متاعنا عنده ثمّ حذف الموصوف وأقيم الصّفة مقامه (إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ) في استرقاق من لا يستحقّ الاسترقاق ؛ هذا بحسب الظاهر وامّا بحسب الواقع فالمعنى انّا لظالمون في أخذ من لم يأذن الله لي أو في أخذ من لم نجد متاعنا اى السّنخيّة منّا عنده (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ) بعد الالتجاء والمسئلة وعدم الاجابة (خَلَصُوا) من أصحاب العزيز وانفردوا عنهم (نَجِيًّا) للنّجوى أو متناجين والإفراد لكونه مصدرا أو وصفا شبيها بالمصدر (قالَ كَبِيرُهُمْ) في السّنّ وهو روبيل ، أو كبيرهم في الأمر والحكم وهو شمعون ، أو كبيرهم في العقل وهو يهودا كذا قيل (أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) نسب الوثيقة الى الله لانّه (ع) استشهد به وقت العهد (وَمِنْ قَبْلُ) عطف على محذوف اى أخذ موثقا حين المسافرة الى مصر ومن قبل ، وعلى هذا فلفظة ما في قوله (ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) نافية والجملة مستأنفة أو حاليّة والمعنى ما فرّطتم في حقّ يوسف (ع) على سبيل التّهكّم أو ما فرّطتم في التّعدى على يوسف (ع) أو ما استفهاميّة تعجّبيّة أو ما زائدة وحينئذ فقوله من قبل مثل سابقه وفرّطتم جملة مستأنفة ، أو حاليّة أو من قبل متعلّق بفرّطتم والجملة حاليّة ، أو معطوفة على جملة الم تعلموا أو ما مصدريّة وما فرّطتم وفي يوسف معطوفان على اسم انّ وخبرها ومن قبل حال أو ما فرّطتم عطف على انّ واسمها وخبرها ومن قبل حال ، وفي يوسف متعلّق بفرّطتم ، أو من قبل خبر ما فرّطتم والجملة عطف على اسم انّ وخبرها ، أو على انّ وما بعدها أو ما موصولة واعرابها كاعراب المصدريّة (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) ارض مصر (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي) باستخلاص أخي أو بالفرج لي باىّ نحو شاء (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) حكاية مجادلة اخوة يوسف (ع) معه مذكورة في المفصّلات (ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ) على ما شاهدنا (وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا) حيث رأينا استخراج الصّواع من رحله (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ) حتّى نعلم باطن امره وانّه سرق أو نسب الى السّرقة من غير جرم ، وقيل : المعنى كنّا نحفظه حين حضوره عندنا عن أمثال ما نسب اليه من السّرقة وما كنّا في غيبه حافظين له لعدم إمكان الحفظ حينئذ ، وقيل : الغيب بمعنى اللّيل في لغة حمير والمعنى وما كنّا في اللّيل حافظين له عن مثل السّرقة ، وقيل : انّه جواب لسؤال يعقوب (ع) حين قال : من قال للملك جزاء السّرقة الاسترقاق؟ قالوا : نحن قلناه ، قال : فلم قلتم ذلك؟ ـ قالوا ما شهدنا الّا بما علمنا من شريعة الأنبياء (ع) وما كنّا للغيب حافظين حتّى نعلم انّ الصّواع في رحله (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) بإرسال من يسئل أهلها عن تلك القضيّة أو بالمسئلة ممّن كان في العير من أهل مصر (الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ) تصريح