سورة الرّعد
مكّيّة كلّها ، وقيل : مكّيّة الّا آية آخر السّورة ، فانّها نزلت في مثل سلمان وعبد الله بن
سلام ، وقيل : انّها مدنيّة الّا آيتين وهما قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ) ، وما بعدها.
عدد آيها عند قرّاء كوفة ثلاث وأربعون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(المر) قد مضى نظائره (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) في الآية وجوه من الاعراب نظير ما سلف في اوّل البقرة ، والمراد بالّذى انزل القرآن أو الأحكام أو القصص أو الولاية (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ) مبتدء وخبر أو مبتدء وصفة والخبر يدبّر الأمر أو يفصّل الآيات مع كون يدبّر الأمر حالا أو صفة لأجل مسمّى بتقدير فيه أو مستأنفا جوابا لسؤال مقدّر (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) مفهوم القيد يدلّ على انّ هناك عمدا ولكن لا ترونها ، كما روى عن الرّضا (ع) ولمّا كان تماميّة العرش بوجه بتماميّة خلقة السّماوات والأرض والاستواء عليه والاحاطة به بعد تماميّته أشار اوّلا الى خلقة السّماوات مرتفعة المستلزمة لخلقة الأرض ، فانّ الارتفاع لا يتصوّر الّا بتحقّق الأرض ثمّ أتى بالاستواء معطوفا بثمّ للاشعار بذلك فقال (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) قد مضى معنى العرش والاستواء عليه في سورة الأعراف (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) في مدّة معيّنة لانقضاء دورة من الفلك وبانتظام تلك المدّة في دورانها ينتظم أمور العالم كما هو مشهود وهو دليل على كمال حكمته وعلمه ، أو كلّ يجرى الى غاية معلومة لجريه وهو وقت خراب السّماوات والأرضين (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) المعلوم وهو فعله الّذى هو إضافته الاشراقيّة المسمّاة بالمشيّة والولاية المطلقة والحقيقة المحمّديّة (ص) ، ومعنى تدبيره انزاله من مقامه العالي وتعليقه بكلّ ما يتعلّق به على وفق التّدبير الكامل والحكمة البالغة فالمعنى ينزّل الأمر بالتّدبير الى أراضي القوابل ، ولمّا كان الآيات في مقام الأمر بنحو الإجمال والوحدة موجودة بوجود واحد جمعىّ وبعد التّنزيل الى مقام الكثرة تصير موجودة بوجودات متكثّرة مفصّلة قال بعد ذلك (يُفَصِّلُ الْآياتِ) التّكوينيّة الآفاقيّة والانفسيّة والتّدوينيّة