ملائكة يعقّب بعضهم بعضا ، من عقّبه تعقيبا إذا جاء بعقبه (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ) حفظا ناشئا (مِنْ أَمْرِ اللهِ) أو من أجل امر الله ، عن الصّادق (ع) انّه قرئ الآية عنده هكذا فقال لقاريها : ألستم عربا؟! فكيف يكون المعقّبات من بين يديه؟ ـ وانّما المعقّب من خلفه ، فقال الرّجل : جعلت فداك كيف هذا؟ ـ فقال : انّما أنزلت له معقّبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله ومن ذا الّذى يقدر ان يحفظ الشّيء من امر الله وهم الملائكة الموكّلون بالنّاس ، وعن الباقر (ع) من امر الله يقول بأمر الله من ان يقع في ركىّ أو يقع عليه حائط أو يصيبه شيء حتّى إذا جاء القدر خلّوا بينه وبينه الى المقادير وهما ملكان يحفظانه باللّيل وملكان بالنّهار يتعاقبانه ، وقيل : يحفظونه من امر الله بالاستمهال والاستغفار (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ) من النّعم (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) من حسن الحال والطّاعة والبرّ وصلة الأرحام (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) يعنى لا ناصر سواه ولا متولّى لأمور النّاس غيره (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) خائفين وطامعين أو اراءة خوف وطمع أو يريكم من البرق خوفا وطمعا يعنى يظهر فيكم ذلك (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) بالماء يعنى يرفعها الى السّماء (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) وتسبيح كلّ بحسبه وكذا حمده (وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) وإجلاله (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) فيهلكه (وَهُمْ) لغاية جهلهم وعنادهم وعدم تدبّر هم في تسخّر هم تحت تلك المسخّرات (يُجادِلُونَ فِي اللهِ) ومبدئيّته ومرجعيّته وتفرّده بالالهة واستحقاق العبادة وسائر صفاته (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) المماحلة المكائدة ، أو شديد القوّة من المحل بمعنى القوّة وفسّر بشديد الأخذ وشديد الغضب وهما من لوازم ما ذكر (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ).
اعلم ، انّ الحقّ المطلق هو الاوّل تعالى والحقّ المضاف هو فعله وكلّ حقّ حقّ بحقّيّة فعله بل متحقّق بفعله الّذى هو الولاية المطلقة كما مرّ مرارا ، وكلّ قول وفعل وخلق يكون عن ولاية اختياريّة كما انّها آثار اختياريّة فهو حقّ بحقّيّتها ، وكلّ مأذون من الله بلا واسطة لدعوة الخلق اليه تعالى أو لدعوة الخلق ايّاه وسيلة بينهم وبين الله فهو داع حقّ ومدعوّ حقّ ، ودعوة كل داع حقّ وكلّ مدعوّ حقّ هي دعوة الله تعالى ومنتهية اليه وخاصّة به لا مدخليّة لأحد فيها من حيث انّ الدّاعى والمدعوّ الحقّين مظهر ان له تعالى وما يظهر ويتعلّق بهما يظهر ويتعلّق بالله ، وامّا دعوة الدّاعى الباطل كخلفاء الجور ودعوتهم الى الإسلام والى الله وكذا دعوة الخلق المدعوّ الباطل كالأصنام والكواكب وخلفاء الجور باطلة وضائعة كنفس الدّاعى والمدعوّ حيث لا يترتّب عليه شيء ولا ينتهى به الى شيء ، وبالجملة كلّ من لم يأذن الله في كونه داعيا للخلق أو للوسائط بينه وبين الله أو مدعوّا باطل كائنا من كان ودعوته أيضا باطلة ، وعلى هذا فقوله (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) يحتمل ان يكون معناه والدّاعون الّذين يدعون الخلق الى اتّباعهم من دون اذن الله أو حالكونهم من غير الله لا يستجيب المدعوّون لهم بشيء وان يكون معناه والمدعوّون الذين يدعوهم الخلق من دون اذن الله أو من غير الله لا يستجيب المدعوّون للخلق بشيء (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ) الّا كاجابة الماء لمن بسط كفّيه مشيرا اليه وداعيا الى نفسه أو مغترفا له (لِيَبْلُغَ) الماء (فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ) لعدم استشعاره بالاشارة أو عدم حصوله في الكفّ المبسوطة (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ) لله (إِلَّا فِي ضَلالٍ) لانّ الكافر دعاءه لله دعاء للشّيطان من حيث