لا يشعر أو ما دعاء الكافرين للخلق الى أنفسهم أو الى الله أو الى غيرهما ، أو ما دعاء الخلق للكافرين الّا في ضلال في ضياع وعدم ترتّب الأثر وهو كالنّتيجة لسابقه (وَلِلَّهِ) لا لغيره (يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ) من في (الْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) السّجود لغة الخضوع ولمّا كان غاية الخضوع السّقوط على التّراب لمن يخضع له سمّى سجدة الصّلوة بالمواضعة الشّرعيّة بالسّجود وإذا كان الخضوع عبارة عن كسر الانانيّة عند من يخضع له فكلّما كان هذا المعنى أتمّ كان الخضوع أكمل. ولمّا كان جميع الموجودات بالنّسبة اليه تعالى لا انانيّة لها بل كلّها لها حكم الاسميّة وعدم النّفسيّة بالنّسبة اليه تعالى ونفسيّة الكلّ هي انّيّة الحقّ الاوّل تعالى كان الكلّ سماواتها وسماويّاتها وأرضوها وارضيّاتها ذوو علمها وغير ذوي علمها ساجدة لله لعدم انانيّة لها بالنّسبة اليه تعالى ، لكنّ الشّاعرين منها أكثرهم يسجدون طوعا كالاملاك بأنواعها وبعض الاناسىّ والجنّ وبعضهم لا يسجدون الّا كرها كبعض الاناسىّ وبعض الجنّ فانّ الكفّار منهما لا يسجدون لله طوعا اختيارا ومن لا يسجد طوعا لله بلا واسطة يسجد له طوعا بواسطة مظاهره ، فانّ نفوسهم فطريّة التّعلّق فاذا لم تتعلّق بالله تعلّق بغيره من مظاهره من كوكب وصنم وغيره واقلّه الدّراهم والدّنانير والمواليد الثّلاثة تسجد بصورها ونفوسها تكوينا طوعا وبعناصرها تسجد لله كرها ، لانّ العناصر مقسورة في المواليد على الامتزاج ، وعلى هذا فالإتيان بمن الّتى هي لذوي العقول امّا من باب التّغليب أو باعتبار نسبة السّجدة إليها لانّ السّجود لا يكون الّا من ذوي الشّعور ويسرى حكم السّجدة الى نفس السّماوات والأرض لما مرّ مرارا انّ نسبة الحكم الى المظروف تسرى الى الظّرف خصوصا إذا كان المظروف أشرف من الظّرف (وَظِلالُهُمْ) جمع الظّلّ وهو الفيء الحاصل من الشّاخص الّذى ينتقل بانتقاله ويسكن بسكونه وبالجملة لا انانيّة له الّا انانيّة الشّاخص وكلّ موجود علوىّ أو سفلىّ له في مقامه الخاصّ به حقيقة وله اظلال في العالم الأعلى والأسفل منه والموجودات الطّبيعيّة الارضيّة من المواليد لها اظلال صوريّة حاصلة من محاذاة الشّمس والكلّ سجّد لله وآخرون طوعا (بِالْغُدُوِّ) جمع الغدوة (وَالْآصالِ) جمع الأصيل وما ورد في الاخبار في تفسير الظّلال يرتفع اختلافه ممّا ذكرنا ، والسّجود وكذا الغدوّ والآصال في كلّ بحسبه (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ) أجب عنهم بذلك لانّه لا جواب لهم سواه (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) تقريعا وتوبيخا لهم على ذلك بعد الاعتراف بربوبيّته لهما (لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) فكيف بغيرهم من أمثالهم فضلا عن تربية السّماوات والأرض اللّتين لا يصلون إليهما ولا يحيطون بهما ولا بعلمها (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى) الّذى لا يبصر طريق ضرّه ولا نفعه (وَالْبَصِيرُ) الّذى يبصر غيره ويحيط بضرّه ونفعه ويتصرّف فيه كيف يشاء أو هل يستوي الأعمى الّذى لا يفرّق بين من لا يضرّ ولا ينفع ومن يضرّ وينفع كالمشرك والبصير الّذى يبصر ذلك ويفرّق كالمؤمن (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ) كالكفر (وَالنُّورُ) كالايمان (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ) صفة لشركاء (فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) ولتشابه خلقهم وخلق الله حكموا باستحقاق عبادتهم والحال انّهم اتّخذوا شركاء عاجزين غير قادرين على ما قدروا بأنفسهم عليه (قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) فهم مخلوقون فضلا عن كونهم خالقين (وَهُوَ الْواحِدُ) الّذى لا يبقى معه شيء في الوجود فلا وجود لشيء سواه فضلا عن الخالقيّة وغيرها من الأوصاف (الْقَهَّارُ) الّذى كلّ شيء فان تحت وجوده مضمحلّ لا انانيّة له (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) جواب لسؤال كأنّه قيل : ان كان هو الواحد