الكافرين بإمكان التّبديل (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ) في العالم الصّغير وفي العالم الكبير (دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) وقد فسّر في الاخبار الّذين بدّلوا نعمة الله بالافجرين من قريش بنى أميّة وبنى المغيرة ، ونعمة الله بمحمّد (ص) وفسّروا بقريش قاطبة ونعمة الله بمحمّد (ص) وفسّر نعمة الله بعلىّ (ع) والمبدّلون بالمنحرفين عنه (ع) (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) كالأصنام والكواكب وغيرها ، أو جعلوا لله في العالم الصّغير أندادا من انانيّاتهم فانّ مبدء الأنداد في الخارج هي الأصنام الدّاخلة أو جعلوا لله بحسب مظاهره أندادا يعنى جعلوا لمحمّد (ص) وعلىّ (ع) أندادا (لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) وهو علىّ (ع) وطريق الولاية (قُلْ تَمَتَّعُوا) تهديد بصيغة الأمر (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) ترك مقول القول للاشارة الى انّ قوله (ص) وتوجّهه إليهم يؤثّر فيم بحيث يجعلهم على أشرف أوصاف الإنسان وهو أصل جملة العبادات يعنى اقامة الصّلوة وإيتاء الزّكاة فلا حاجة الى تقدير المحكىّ ، وتخصيص القول بان يقال قل : أقيموا الصّلوة يقيموا الصّلوة (وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) من الاعراض والقوى العمّالة والعلّامة والوجاهة والحشمة (سِرًّا) من النّاس ومن المنفق عليه ومن الملائكة ومن أنفسهم (وَعَلانِيَةً) ويحتمل ان يكونا متعلّقين برزقناهم اشارة الى النّعم الظّاهرة والباطنة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ) فيبتاع المقصّر ما يتدارك به تقصيره أو يبيع ماله ويفدى بثمنه نفسه (وَلا خِلالٌ) لا محالة بين أحد فيشفع الخليل لخليله (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) لا غيره فما بالكم يأمركم بالإنفاق مع انّ الكلّ بيده فتبخلون (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) على نظام واحد من غير تغيّر عن طريقهما في الحركة (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) وبتسخيرهما يتولّد ويحصل أصول معيشتكم (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) بلسان الاستعداد وان كان قد لا يعطى ما سألتموه بلسان القال ، وقرأ الصّادقان (ع) : من كلّ بالتّنوين ولعلّه كان أوفق بالمقصود إذ السّؤال بلسان الحال لا يتخلّف المسؤل عنه والله تعالى يعطى كلّا من كلّ شيء بقدر ذلك السّؤال ، ولسان القال ان لم يكن موافقا للسان الحال يتخلّف المسؤل عن السّؤال كما يشاهد من أكثر السّائلين المتضرّعين الّذين يتخلّف عنهم مسئولهم.
اعلم ، انّ الله تعالى ناظر الى سؤال الاستعداد ومعط بقدره فالمادّة الانسانيّة تسأل نضجا بالقوى النّباتيّة من الغاذية بجنودها والنّامية بجنودها والمولّدة باعوانها ، ومستقرّا من الكليتين والبيضتين وبعد تمام نضجها تستدعى وعاء تستقرّ فيه وتنمو وتتبدّل من صورة الى صورة ومن حال الى حال وتستدعى مربّيا يربّيها من النّفوس البالغة ومتصرّفا في ذاتها من القوى النّباتيّة بمراتبها الى ان يبلغ أو ان تولّدها وبعد التّولّد تستدعى الف الف ملك والف الف قوّة بها يتمّ فعلها ونموّها وبلوغها وخروجها من الدّنيا الى الآخرة فأعطاها الله كلّها ، هذا بحسب ما ندركه بمدركاتنا القاصرة وامّا ما لا ندركه فغير متناهية الى حدّ (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ) الّتى أعطاكموها بمسئلتكم (لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) جواب سؤال عن حال الإنسان بإزاء تلك النّعم يعنى انّه ظلوم لانّه لا يستعمل النّعم فيما أعطيت له ويمنع المستحقّ عن الحقّ ويعطى لغير المستحقّ ،