على اجابة دعوته فقال (رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) فأنت العالم بحاجاتنا ومصالحنا سألنا أو لم نسأل (وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) تعميم بعد تخصيص والتّفات من الخطاب الى الغيبة اشارة الى تنزّله عن مقام الحضور ثمّ انتقل عن مقام الثّناء الى مقام الالتفات الى النّعمة والقيام بشكرها فقال (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ) مشتملا على كبر السّنّ واليأس عن الولد قيّد الثّناء به إظهارا لعظمة النّعمة دلالة على كمال القدرة (إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) قيل ولد إسماعيل (ع) حالكونه ابن تسع وتسعين ، وولد إسحاق (ع) حالكونه ابن مائة واثنتى عشرة سنة (إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) ذكر ذلك إظهارا لنعمة اخرى هي اجابته له في دعاء الولد ، ورجاء لا لإجابة دعائه الماضي وتمهيدا لاجابة دعائه الآتي (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ) اقامة الصّلوة بان يكون صلوة القالب متّصلة بصلوة القلب وهي متّصلة بصلوة الرّوح (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) لمّا علم انّ اقامة الصّلوة بحيث صارت سجيّة للمصلّى المستفاد من لفظ مقيم الصّلوة خاصّة بمن له درجة النّبوّة أو الولاية وانّ جميع ذراريه لا يكونون أنبياء أتى بمن التّبعيضيّة (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) بالإجابة (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) آدم (ع) وحوّاء (ع) كما نسب الى الخبر أو والديه القريبين ، ونسب الى أهل البيت (ع) انّهم قرءوا لولدىّ يعنى إسماعيل (ع) وإسحاق (ع) (وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ) استيناف كلام من الله أو عطف على إذ قال وعامله والخطاب لمحمّد (ص) أو لكلّ من يتأتّى منه الحسبان (غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وعيد للظّالم ووعد للمظلوم (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ) بالامهال (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) تبقى مفتوحة لا يقدرون ان يطرفوا (مُهْطِعِينَ) مسرعين الى اجابة الدّاعى (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) رافعيها (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) لا يقدرون ان ينظروا الى أنفسهم لكمال دهشتهم وحيرتهم (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) خلاء عن الرّأى لفرط الوحشة ، أو عن الخير لغلبة الشّقوة ، وقيل : متصدّعة من فرط الدّهشة (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) من يوم يأتيهم العذاب أو هو مبنىّ وبدل من يوم تشخص فيه الأبصار أو هو ظرف للافعال السّابقة أو متعلّق بذكّر بدلا من انذر النّاس والمراد منه يوم حضور الموت (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ) اى يقال لهم ذلك (وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) يعنى استننتم بسننهم ووقفتم في مقامهم أو سكنتم في منازلهم الصّوريّة بحيث شاهدتم آثار عذابهم وهلاكهم (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ) موافقة لأحوالكم وانتقالكم الى الآخرة ، أو ضربنا لكم أمثال الّذين ظلموا حتّى تتنبّهوا أو تجتنبوا مثل أفعالهم (وَقَدْ مَكَرُوا) صرف الخطاب عنهم أو الضّمير راجع الى الّذين ظلموا (مَكْرَهُمْ) ما كان في وسعهم وجهدهم (وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ) يعنى مكرهم ثابت عند الله فيجازيهم عليه ، أو عند الله مكرهم فلا ينفذ ولا يؤثّر الّا باذنه ، أو عند الله مكرهم يعنى ان يمكر بهم مكرا لائقا بحالهم (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ) انّه كان مكرهم أو ان شرطيّة وصليّة أو نافية اى وان كان مكرهم لعظمه مستعدّا (لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) وما كان مكرهم لتزول منه الجبال بل كان أعظم ، وقرئ بفتح اللّام ورفع الفعل على