ان يكون ان هي المخفّفة واللّام للفصل (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) بوعد النّصرة وإسكان الأرض من غير معاند (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) في موضع التّعليل (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ) بدل من يوم يأتيهم العذاب أو ظرف لمخلف وعده أو لعزيز أو لذو انتقام أو متعلّق بذكّر أو اذكر مقدّرا (غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) أو تبدّل ارض عالم الطّبع ارض عالم البرزخ وارض عالم المثال وذلك حين ظهور القائم عجّل الله فرجه في العالم الصّغير بالموت الاختيارىّ أو الاضطرارىّ ، وهو حين إتيان السّاعة والقيامة الصّغرى كما فسّر السّاعة بظهور القائم وبالقيامة وتلك الأرض المبدّلة لمّا لم يكن معها مادّة حاجبة وظلمة وامتداد مكانىّ وبعد جسمانىّ لا ترى فيها عوجا ولا امتا بحيث ترى البيضة الّتى في المغرب من المشرق ، وكذا لا يحجب أهل تلك الأرض ولا قصورها بعضها بعضا بل يرى الكلّ في الكلّ ومن وراء الكلّ ، لانّ الكلّ مرائى متعاكسات وغير حاجبات لما وراءها ولذلك قال (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) بحيث كلّما كان باطنا منهم في الدّنيا صار بارزا هناك وتحدّث الأرض اخبارها بإبراز ما كان مكمونا فيها ، والتّوصيف بالوحدة والقهّاريّة لظهور سلطان الوحدة هناك (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) جمع الصّفد بمعنى القيد وذلك لانّ اصفادهم المكمونة في الدّنيا تبرز هناك (سَرابِيلُهُمْ) قمصانهم (مِنْ قَطِرانٍ) القطران بفتح القاف وكسر الطّاء وهو قراءته بالفتح والسّكون وبالكسر والسّكون شيء اسود منتن يحلب من الأبهل وهو شجر كبير ورقه كالطّرفاء يطلى به الإبل الجربي يحرق الجرب بحدّته ويشتعل النّار فيه سريعا ، والمقصود انّهم يطلون بالقطران فيجعل لهم كالقمصان حتّى يتأذّوا بريحه ولونه وحدّته ويسرع إليهم اشتعال النّار ، وقرئ من قطر آن كلمتين منوّنتين والقطر هو الصّفر المذاب والإني البالغ في الحرّ وكأنّه بهذه القراءة فسّر في الاخبار بالصّفر المذاب (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) كناية عن غاية عجزهم وشدّة ابتلائهم فانّ الإنسان مهما كان له قدرة وحراك يدفع الموذي عن وجهه وان كان بجعل بعض أعضائه جنّة له (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) متعلّق بتبدّل الأرض أو ببرزوا (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ هذا) المذكور هاهنا من قوله (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ) (الى آخر الآية) وامّا كونه اشارة الى القرآن أو الى السّورة فبعيد لانّ هذا الكلام يقال فيما لا قدر له بالاضافة الى غيره فيقال هذا القدر يكفى (بَلاغٌ) كفاية وكاف (لِلنَّاسِ) اى لجملة المؤمنين والكافرين (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) اى لينصحوا به ولينذروا ، أو المعطوف محذوف اى وانزل لينذروا به (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) انّما الله اله ومستحقّ للمعبوديّة واحد لا ثانى له في المعبوديّة (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) رتّب على كونه بلاغا ثلاث فوائد : الإنذار بالنّسبة الى الكفّار ، والعلم بوحدانيّته بالنّسبة الى المستعدّين للايمان ، والتّذكّر بالنّسبة الى المؤمنين العالمين ، ويحتمل ان يكون المعنى هكذا : هذا المذكور نزل لبلوغه الى النّاس ، ولينذروا به ، فيكون لينذروا به عطفا على بلاغ باعتبار المعنى.