المنزل وسياسة المدن ، ومن جملة الحزم في المعاشرة ان تكون بريئا من المخاصمة متّقيا عن مواضع التّهمة حافظا لعرضك عن أفواه النّاس مجتنبا عمّا فيه الملامة وذلك بان يكون معاملتك مع الغير سالما عن الشّبهة والادّعاء الباطل ولا يمكن السّلامة الّا بان يكون ثالث بينك وبين من تعامله حتّى يكون مانعا لادّعائه باطلا ومطّلعا حتّى يرفع الشّبهة إذا وقعت ، علّم الله تعالى عباده ذلك فقال تعالى (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) ولا تخونوا فيما لم يطّلع هو ولا غيره عليه لانّ الله تعالى شاهد عليكم ويحاسبكم بدقيق ما عندكم وجليله (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) هذا بحسب التّنزيل وامّا بحسب التّأويل فيقال : إذا دفعتم الى يتامى آل محمّد (ص) بعد الاستحقاق ما يستحقّونه من رفع درجة فأشهدوا الله وملائكته عليهم حتّى يكونوا بمرأى من الله وملائكته ويكون اعطاؤكم بإذن من الله بل بمرأى منه بل بيده حتّى لا يكون أنفسكم واسطة بينهم وبين الله ويكون المحاسب هو الله وكفى بالله حسيبا (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) بيان لآداب التّوارث ونهى عن رسوم الجاهليّة من منع النّساء عن الإرث (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى) من غير الورّاث (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ) من غير اولى القربى (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) تصدّقا عليهم وتطييبا لنفوسهم فانّه مورث لترويح المورّث وبركة الوارث ولا تؤذوهم بأيديكم وألسنتكم (وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) باستقلال العطيّة والاعتذار عنه والاحترام لهم أكثر من سائر الأوقات ولمّا كان الأمر بظاهره مفيدا للوجوب والمقصود الاستحباب لا الوجوب اختلف الاخبار في انّها منسوخة أو باقية فما أفاد نسخها خوطب بها من فهم الوجوب ، وما أفاد بقاءها خوطب بها من فهم الاستحباب ، ولمّا كانت النّفوس متفاوتة في التّناهى عن المنهيّات لانّ تناهيها امّا لخوف الافتضاح بين النّاس ، أو اطّلاع الغير عليها ، أو تسلّط الظّالم ، أو رفع البركة ، أو تضييع أولادها بالمكافاة ، أو سوء العاقبة والعذاب في الآخرة ذكر الله تعالى في مقام التّأكيد في امر اليتامى والتّهديد عن الخيانة والتّوانى عن المحافظة بعضا منها فقال تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) فانّ الدّار دار مكافاة وليعلموا انّ ما يدينون به في يتامى الغير يدانون به في يتاماهم (فَلْيَتَّقُوا اللهَ) في الخيانة في حقّهم والتّوانى في تربيتهم والخشونة في القول معهم (وَلْيَقُولُوا) لهم (قَوْلاً سَدِيداً) لا يجرئهم على عدم الانقياد ولا يزجرهم زائدا على قدر تربيتهم ، هذا تهديد عن المكافاة في حقّ الأولاد (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ) اى يدخلون بأكل اموال اليتامى (فِي بُطُونِهِمْ ناراً) اى ما يؤدّى الى أكل النّار أو دخول النّار (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) هذا تهديد عن سوء العاقبة والعذاب في الآخرة (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي) ميراث (أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) لوجوه كثيرة ذكرت في الاخبار وغيرها (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) ممّا ترك (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) هذا أحد مواضع الحجب ولا يحجب الامّ عن نصيبها الا على الّا متعدّد اقلّه اثنان