الباطنة ، وكذا يطلق أهل الذّكر على من انتحل الدّعوة العامّة كاليهود والنّصارى والمجوس وأكثر أهل الإسلام فانّهم ليسوا من أهل الذّكر والملّة الالهيّة حقيقة إذ تحقّق الانتساب الى ملّة له شرائط وعهود ومواثيق وليست تلك لهم ، والذّكر يطلق على الأولياء وأحكامهم وعلى الأنبياء والرّسل (ع) وأحكامهم وكتبهم الالهيّة فتفسير الذكّر بالرّسول (ص) وبعلىّ (ع) وبالقرآن وبسائر الكتب السّماويّة وبأحكام الرّسالة والنّبوّة الّتى هي الملّة الالهيّة صحيح ، وكذلك تفسير أهل الذّكر بالأنبياء والأولياء (ع) والأصل في الكلّ آل محمّد (ص) وبمن قبل الدّعوة العامّة ومن قبل الدّعوة الخاصّة وبمن انتحل الانتساب الى نبىّ وملّة الهيّة وكتاب سماوىّ كلّها صحيح ، والسّؤال قد يكون عن حال الرّسل والأنبياء والأولياء (ع) ، وقد يكون عن علامات رسولنا الختمىّ (ص) وعن أوصيائه ، وقد يكون عن احكام النّبوّة ؛ إذا عرفت ذلك سهل عليك التّفطّن بصحّة ما في الاخبار من اختلاف تفسير الآية ومن التّفاسير الّتى هي مخالفة لظاهر الآية من انكار تفسير أهل الذّكر باهل الكتاب وانّ أهل الكتاب إذا سألوا يدعونكم الى دينهم ومن تفسير أهل الكتاب وتخصيصهم بأنفسهم (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أوصاف الأنبياء أو أوصاف محمّد (ص) الموعود أو لا تعلمون احكام الدّين أو لا تعلمون (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) البيّنات آثار النّبوّة والرّسالة وأحكامها والزّبر آثار الولاية وأحكامها ، والتّفسير بالمعجزات والكتب السّماويّة لانّهما آثار النّبوّة والولاية ، وقيل : قوله (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) متعلّق بما أرسلنا ، وقيل : متعلّق بمحذوف وهو مستأنف كأنّه قيل : بم أرسلوا؟ ـ فقال : بالبيّنات والزّبر (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) اى القرآن أو احكام النّبوّة أو الولاية (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) والمقصود من مجموع ما نزل ولاية علىّ (ع) فلا ينبغي لك ان تنظر الى ردّهم وقبولهم بل عليك النّظر الى غاية الأمر والتّنزيل وهي التّبيين ردّوا أو قبلوا (وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) فيعلموا انّ الأصل في جملة الأحكام هو الاقتداء والخروج من الرّأى والاستبداد ولا يتيسّر ذلك الّا بوجود من يقتدى به وانّه لا بدّ لك من تعيين من يقتدى به بإذن الله حتّى يسلّموا الأمر لخليفتك ومن عيّنته فيقتدوا به ويفلحوا (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ) وخصوصا انكار الولاية الّتى بها قوام الصّالحات وفي إنكارها ليس الأعمال الّا السّيّئات (أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) بمجيئه من تلك الحيثيّة كإتيان العذاب من حيث يرجى الثّواب وهو صورة الأعمال الصّالحة إذا لم تكن بأمر خليفة الله كما قال : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) فانّ صورة الأعمال الشّرعيّة تصير سببا لغرور النّفس وحسبان انّها على خير لكنّها ان لم تكن بأمر ولىّ الأمر (ع) وخليفة الرّسول (ص) بل باستبداد النّفس ورأيها أو رأى من ليس للرّأى باهل فهي ضالّة غير نافعة ، أو المقصود من حيث لا يشعرون بشيء من العذاب وعدمه كوقت المنام والغفلة عن الأعمال والعذاب ولعلّه أوفق بما بعده (أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ) في مكاسبهم ومتاجرهم أو في تقلّبهم في آرائهم ومكرهم ، أو في تقلّبهم فيما يحسبونه صلاحا لهم كصور الأعمال الصّالحة (فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) لنا ان نعذّبهم في عين استيقاظهم وتفطّنهم (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) حالكونهم على حذر والتفات الى العذاب وتمحّلهم لدفعه بان يتنبّهوا بما نزل بأمثالهم (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) الفاء للسّببيّة المحضة لا من الذّين مكروا السّيّئات يعنى لا ينبغي ان يأمنوا بسبب رحمته فانّ رحمته لا تصل إذا لم يكن استحقاق ، أو للجواب والجزاء لشرط محذوف يعنى ان يمهلكم