رَغَداً) واسعا (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) ما يوجد فيه وتحتاج القرية اليه (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) بالغفلة عن المنعم والبطر بالنّعم بدل الخضوع للمنعم (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) جزاء لكفرانهم وبطرهم والجوع استعارة بالكناية أو قرينة للاستعارة التّحقيقيّة في اللّباس أو تشبيه من قبيل لجين الماء وكذا الاذاقة امّا استعارة تحقيقيّة أو ترشيح لاستعارة الجوع (بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) من الكفران والبطر وقد ذكر في الاخبار انّ هذه القرية كانت كثيرة النّعم حتّى كانوا يستنجون بالعجين ويقولون : انّه ألين فأجدبت حتّى احتاجوا الى أكل ما كانوا يستنجون به (وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ) ولا تكفروا ولا تبطروا كما كفرت أهل تلك القرية (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قد سبق في سورة البقرة وفي غيرها تفسير الآية وانّ الحصر بالاضافة الى ما قالوا من حرمة البحيرة والسّائبة وغيرها وليس مطلقا حتّى يرد الاشكال بلزوم تحليل المحرّمات (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) قرئ بالرّفع صفة لألسنتكم وقرئ بالنّصب مفعولا لقوله لا تقولوا أو لقوله تصف ولفظ ما موصول اسمىّ أو حرفيّ أو موصوف وقوله (هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ) مفعول لا تقولوا على بعض الوجوه ، أو بدل من الكذب على بعض الوجوه ، أو مفعول تصف على بعض الوجوه (لِتَفْتَرُوا) لينتهي الى الافتراء (عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ قَلِيلٌ) يعنى ما يقصدونه من هذا القول متاع قليل (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الاخرة ولا ينبغي للعاقل ان يطلب المتاع القليل المستعقب للعذاب الأليم ، نسب الى الصّادق (ع) انّه قال : إذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي الّتى نهى الله عنها كان خارجا من الايمان وساقطا عنه اسم الايمان وثابتا عليه اسم الإسلام فان تاب واستغفر عاد الى الايمان ولم يخرجه الى الكفر والجحود والاستحلال فاذا قال للحلال : هذا حرام ، وللحرام : هذا حلال ودان بذلك ، فعندنا يكون خارجا من الايمان والإسلام الى الكفر وكان بمنزلة رجل دخل الحرم ثمّ دخل الكعبة فأحدث في الكعبة حدثا فأخرج عن الكعبة والحرم فضربت عنقه وصار الى النّار (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ) في قوله (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) (الآية) (وَما ظَلَمْناهُمْ) بتحريم ما حرّمنا عليهم بل صاروا مستحقّين للمنع والتّحريم كما في قوله (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا) (الآية) (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ) الإتيان بثمّ لتفاوت الجملتين من حيث انّ الاولى للتّشديد والتّغليظ والثّانية للتّلطّف وإظهار الرّحمة (لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ) بانصرافهم عن دار العلم ودخولهم تحت حكم الجهل (ثُمَّ تابُوا) ورجعوا عن مقام الجهل وندموا على ما وقع منهم (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) بتدارك ما لزمهم من حقوق النّاس وما فات منهم أو لزمهم من حقوق الله (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) من بعد التّوبة (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) تكرار انّ ربّك مثل ما سبق (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) قد مضى انّ الامّة تقع على الواحد والجماعة والمأموم والامام (قانِتاً لِلَّهِ) خاضعا له (حَنِيفاً) مسلما أو خالصا وقد ذكر في الاخبار انّه كان على دين لم يكن عليه غيره فمكث ما شاء الله حتّى آنسه الله