أو حجابا مستورا به اى ساترا لك عن انظارهم والمعنى الاوّل تأسيس والثّانى تأكيد والمقصود جعلنا جثّتك مستورة عنهم لا يرونها كما قيل : انّ جمعا من قريش حجبوا محمّدا (ص) عن انظارهم وقت قراءة القرآن كانوا يمرّون عليه ولا يرونه وجعلنا حقيقتك مستورة عنهم لا يرونها ولو رأوها لما كذّبوك ولمّا نفروا عن قراءتك (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) جمع الكنان بمعنى ما يستر به (أَنْ يَفْقَهُوهُ) كراهة ان يفقهوه أو اكنّة مانعة من ان يفقهوه (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) ان يسمعوه اى يسمعوا مقصوده والّا فلفظه مسموع لهم ولذلك قال (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) لانّهم يسمعون لفظه ولا يدركون مقصوده ويرونه مخالفا لمعتقدهم ويمكن ان يراد بالقرآن القرآن المعهود الّذى هو في ولاية علىّ (ع) وان يراد بربّك الرّبّ المضاف وهو الرّبّ في الولاية وهو علىّ (ع) بعلويّته ، وفي الاخبار في الجملة اشعار بما ذكر ونفورا جمع نافر حال من الفاعل أو مصدر نفر حال منه أو مفعول مطلق نوعىّ من غير لفظ الفعل (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ) اى بسببه من الاستهزاء والتّغليظ (إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى) ذوو نجوى أو نجوى جمع نجىّ (إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) سحره ساحر فجنّ ولم يبق له عقل (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) بجعلك تارة مسحورا وتارة مجنونا وتارة شاعرا وساحرا وكاهنا (فَضَلُّوا) عن طريق معرفتك الفاء للسّببيّة المحضة اى صار ضلالهم سببا لضرب الأمثال أو للسّببيّة والتّعقيب اى صار الاستهزاء بك وضرب الأمثال سببا لضلالهم عن طريق معرفتك ومعرفة كلامك (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) الى معرفتك والى معرفة الآخرة والمعاد (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً) ترابا متناثرا (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) على الإنكار والاستبعاد والتّعجّب ولذلك اكّد الاستفهام (قُلْ) تهكّما وتغييظا لهم (كُونُوا حِجارَةً) من الغيظ (أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) من حيث البعد عن الانسانيّة والدّناءة في الرّتبة فانّه يعيدكم أو قل تقريرا للاعادة : كونوا حجارة فيكون في معنى الشّرط يعنى ان تكونوا حجارة بعيدة عن الحيوة يمكنه الاعادة فكيف إذا صرتم عظاما قريبة من الحيوة اليفة بها (فَسَيَقُولُونَ) استفسارا عن المعيد على سبيل الإنكار بعد انكار أصل الاعادة (مَنْ يُعِيدُنا قُلِ) جوابا لهم بتعيين المعيد (الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) تعليقا على الوصف المشعر ببرهان جواز الاعادة (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ) سيحرّكون ويمدّون إليك (رُؤُسَهُمْ) للسّؤال عن وقت الاعادة (وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ) جوابا لهم عن هذا السّؤال الّذى لا جواب له لانّه لا وقت للسّاعة في عرض الزّمان يمكن تعيينه ، وتذكير الضّمير باعتبار البعث أو وقت الاعادة (عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) يعنى في طول الزّمان لا في عرضه وأجمل في الجواب بحيث لا تكون مصرّحا بنفي الوقت الزّمانى عنه ولا ساكتا عن الجواب ليحملوا سكوتك على العجز ولا مصرّحا بتعيين الدّهر له لعدم ادراكهم للدّهر (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) امّا جواب لسؤال مقدّر ناش عن إجمال الجواب كأنّه قيل : اىّ يوم هو؟ ـ فقال : هو يوم يدعوكم على السنة الملائكة الموكّلة على النّشر وجمع الخلائق للحساب ، أو يكون يوم يدعوكم ، وامّا خبر بعد خبر ليكون (فَتَسْتَجِيبُونَ) من غير تأبّ وتعصّ كما كنتم غير مجيبين لدعوته على السنّة رسله (ع) في الدّنيا (بِحَمْدِهِ) لسانا كما تستجيبون بحمده حالا وفعلا ووجودا فانّ الأوصاف الحميدة والأخلاق الجميلة كلّها حمده تعالى كما انّ قوى النّفس وجنودها كلّها حمده وجودا والإنسان يبعث بجميع أوصافه وأخلاقه وقواه وجنوده قائلا : سبحانك اللهمّ وبحمدك